ملخص

إيمانًا بأهمية الدفاع عن حقوق الصحفيين والإعلاميين، وتسليط الضوء على الانتهاكات التي يتعرضون لها، وتوعية المجتمع والرأي العام بها من أجل الضغط على المؤسسات المعنية للقضاء على هذه الانتهاكات، وخلق بيئة أكثر ملائمة للعمل الصحفي والإعلامي، تقوم مؤسسة “المرصد المصري للصحافة والإعلام” بإصدار تقريرها السنوي لعام 2018.

ينقسم هذا التقرير إلى قسمين رئيسين؛ يتناول القسم الأول نظرة عامة على الحريات الصحفية والإعلامية في مصر؛ إذ نوضح من خلاله القوانين والتشريعات المستجدة خلال عام 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام، ودور الجهات التنفيذية كالمجلس الأعلى للإعلام في تقييد الحريات الصحفية والإعلامية منذ إنشائه في أبريل 2017، وكذلك بعض الإجراءات التي تتخذها السلطات التنفيذية لتضييق الخناق على الحريات الصحفية والإعلامية كحجب المواقع الإلكترونية.

وقد شهد هذا العام عدة تغييرات هامة على مستوى البنية التشريعية والقانونية الحاكمة لمجال الإعلام في مصر، تمثلت في إصدار أربعة تشريعات جديدة وهي قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى، وقانون الهيئة الوطنية للصحافة، بالإضافة إلى قانون جرائم تقنية المعلومات، وسط حالة من الجدل الواسعة حول مسببات إصدار تلك التشريعات ومدى دستوريتها، ومدى تأثيرها على حرية الرأي والتعبير في مصر. كما برز هذا العام الحديث عن تعديل قانون نقابة الصحفيين، وانفراد نقيب الصحفيين عبدالمحسن سلامة، بإجراء التعديلات دون عرضها على أعضاء مجلس النقابة أو جموع الصحفيين، وهو ما سبب أزمة داخل أروقة النقابة انتهت إلى تأجيل مشروع مسودة القانون الجديد للنقابة.

ويتناول القسم الثاني الرصد الإحصائي لانتهاكات الحريات الصحفية والإعلامية في مصر عام 2018، فقد شهد هذا العام عدد (218) حالة انتهاك؛ وثق المرصد منها 121 انتهاكًا عن طريق التوثيق المباشر، و(97) انتهاكًا عن طريق التوثيق غير المباشر. وجاءت حالات “المنع من التغطية” في المرتبة الأولى بنسبة حوالي 30% من إجمالي الانتهاكات، تلاها “التعدي بالقول أو التهديد” بنسبة 11%، ثم “إيقاف برامج وقنوات” بنسبة 9%، وتوزعت النسب الأخرى على باقي الانتهاكات. وكان الذكور أكثر عرضة لهذه الانتهاكات من الإناث بنسبة 39.5% مقابل 17.5%، بينما كانت 43% من هذه الانتهاكات لحالات جماعية.

أما من حيث الجهة القائمة بالانتهاك؛ فقد تصدرت المؤسسات الصحفية والإعلامية، أكثر الجهات انتهاكًا لحقوق العاملين فيها خلال عام 2018، بنسبة 23% من إجمالي الانتهاكات، تلتها وزارة الداخلية بنسبة 21.5%، وهو ما يوحي باستمرار الحملة الأمنية ضد الصحفيين والإعلاميين. وفي المرتبة الثالثة تورطت الجهات القضائية في (33) واقعة بنسبة 15% من إجمالي الانتهاكات، تعرض فيها العاملون في وسائل الإعلام لانتهاكات كان الغالب عليها منع الصحفيين والإعلاميين من دخول المحاكم وتغطية عدد من الجلسات. وتوزعت باقي النسب على جهات مختلفة كما هو موضح في متن التقرير.

الفهرس

  • مقدمة
  • أولًا: نظرة عامة على الحريات الصحفية والإعلامية في مصر
    • البنية القانونية والتشريعية عام 2018
    • المجلس الأعلى للإعلام: الرقيب الأعلى لوسائل الإعلام في مصر
    • النيابة العامة تراقب وسائل الإعلام
    • حجب المواقع الإلكترونية: عقوبة مستمرة
  • ثانيًا: الرصد الإحصائي لانتهاكات الحريات الصحفية والإعلامية في مصر عام 2018
    • منهجية الرصد والتوثيق بـ”المرصد”
    • الصعوبات والمعوقات التي واجهت عملية الرصد والتوثيق
    • أساسيات تصنيف الانتهاكات بـ”المرصد”
    • عرض إحصائي لأبرز انتهاكات الحريات الصحفية والإعلامية لعام 2018
  • مقدمة

توجد الصحافة في مرمى النار في شتى أنحاء العالم، ويتعرض الصحفيون في جميع أنحاء العالم لأنواع عدة من الانتهاكات التي تتراوح بين المنع من التغطية وسحب التراخيص، مرورًا بالضرب والسحل والإهانة، وصولًا إلى الاعتقال والتعذيب والقتل في بعض الأحيان. ويشير التقرير السنوي لعام 2018 لمنظمة مراسلوان بلا حدود والمعنون بـ “التصنيف العالمي لحرية الصحافة” إلى تصاعد خطاب الكراهية ضد الصحفيين في مختلف أنحاء العالم؛ فقد ارتفعت نسبة رؤساء الدول المُنتخبون ديمقراطيًا الذين لا يعتبرون الصحافة ركيزة أساسية للديمقراطية وإنما خصم تعلن نحوه البغضاء، وتزايدت الكراهية ضدّ الصحفيين في الهند على شبكات التواصل الاجتماعي، وتضاعف العنف اللفظي ضدّ الصحافة في أوروبا، رغم أنها الأكثر ضمانًا لحرية الصحافة، وتميزت القارة الأمريكية بوضعية غير واضحة، وهيمن الخوف والرقابة الذاتية في أمريكا الوسطى بسبب تواصل العنف والإفلات من العقاب. وتأتي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في ذيل الترتيب الإقليمي، مما يجعل هذه المنطقة من العالم الأكثر صعوبة وخطورة لممارسة مهنة الصحافة[1].

ولقد عبر التقرير السنوي الصادر عن مراسلون بلا حدود لعام 2018، عن كم الانتهاكات التي يواجهها الصحفيون/ الإعلاميون على مستوى العالم من قتل خارج القانون أو الاعتقال أو الاحتجاز بالإضافة إلى الأَسْر والاختفاء القسري؛ حيث شهد عام 2018، على المستوى الدولي ما لا يقل عن 80 قتيلًا، بينما لا يزال 348 قيد الاحتجاز، و60 في عداد الرهائن[2].

على الصعيد المحلي، يزداد الأمر سوءً وتصبح حرية الصحافة والصحفيين على شفا حفرة من النار. لقد وقعت مصر في تقرير مراسلون بلا حدود لعام 2018، في “الدائرة السوداء” لحرية الصحافة في العالم أو ما تسميه المنظمة “رُهّاب الإعلام”؛ حيث تزداد الانتهاكات الموجهة للصحافة والصحفيين في هذه المنطقة، وحلت مصر في المرتبة 162 من أصل 180 دولة يغطيها التقرير لعام 2018، متراجعة مرتبة عن العام السابق الذي حلت فيه في المرتبة 161، وهو ما يشير إلى قتامة المشهد الصحفي والإعلامي في مصر[3]، وقد شهد عام 2018 حالة حصار فرضتها السلطات المصرية على العاملين في مجالي الصحافة والإعلام، عن طريق إجراءات أمنية وتشريعية، ويمكننا قياس ذلك عن طريق مؤشرين رئيسين هما:

  • البنية التشريعية والقانونية

شهد هذا العام عدة تغييرات هامة على مستوى البنية التشريعية والقانونية الحاكمة لمجال الإعلام في مصر، تمثلت في إصدار ثلاثة تشريعات جديدة وهي قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى، وقانون الهيئة الوطنية للصحافة، بالإضافة إلى قانون جرائم تقنية المعلومات، وسط حالة من الجدل الواسعة حول مسببات إصدار تلك التشريعات ومدى دستوريتها، ومدى تأثيرها على حرية الرأي والتعبير في مصر.

ولقد تسببت التخمة التي أصابت البيئة التشريعية المنظمة لحرية الإعلام، في صراع بين عدد من مؤسسات الدولة حول أحقية ودور الرقيب الشرعي، الخاص بضبط المشهد الإعلامي، كما برز هذا العام الحديث عن تعديل قانون نقابة الصحفيين، وانفراد نقيب الصحفيين عبدالمحسن سلامة، بإجراء التعديلات دون عرضها على أعضاء مجلس النقابة أو جموع الصحفيين، وهو ما سبب أزمة داخل أروقة النقابة، انتهت إلى تأجيل مشروع مسودة القانون الجديد للنقابة.

كما استمرت ظاهرة الحجب هذا العام للسنة الثانية على التوالي، ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن قرارات الحجب حتى الآن التي طالت ما يقرب من 500 موقع.

  • عدد حالات الانتهاكات عام 2018

شهد عام 2018 عدد (218) حالة انتهاك؛ وقد شهد هذا العام لأول مرة في تاريخ الصحافة المصرية، تأميم أحد الصحف، وهي جريدة المصريون، ضمن قرار النيابة العامة، بالتحفظ على أموال الشركة المالكة للجريدة، وشهد أيضًا قرارًا بمنع قناة ltc -الفضائية المصرية الخاصة- من البث، وسط حزمة من القرارات يصدرها المجلس الأعلى للإعلام بحق وسائل الإعلام والعاملين بها بشكل دوري.

وقد يرجع انخفاض أعداد الانتهاكات لهذا العام لعدة أسباب أهمها؛ التغيير في خارطة مالكي وسائل الإعلام، وسط إشارات لأجهزة الدولة بالتدخل في الخارطة الإعلامية عن طريق امتلاك عدد من القنوات، بالإضافة إلى سياسة حجب المواقع والتي بدأت في مايو 2017، وكذلك ترسانة القوانين التي قامت الدولة بإصدارها، نهاية بحالة الترصد التي يعاني منها الصحفيون والإعلاميون، مما أدى إلى تغييرات جذرية في أولويات وسائل الإعلام من حيث تناول القضايا السياسية والاجتماعية.

وفقًا لذلك، وإيمانًا بدورنا في الدفاع عن حقوق الصحفيين والإعلاميين، وتسليط الضوء على الانتهاكات التي يتعرضون لها، وتوعية المجتمع والرأي العام بها من أجل الضغط على المؤسسات المعنية للقضاء على هذه الانتهاكات، وخلق بيئة أكثر ملائمة للعمل الصحفي والإعلامي، تقوم مؤسسة “المرصد المصري للصحافة والإعلام” بإصدار تقريرها السنوي لعام 2018.

وينقسم التقرير إلى قسمين، يتناول القسم الأول؛ نظرة عامة على الحريات الصحفية والإعلامية في مصر؛ إذ نوضح من خلاله القوانين والتشريعات المستجدة في عام 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام، ودور الجهات التنفيذية كالمجلس الأعلى للإعلام في تقييد الحريات الصحفية والإعلامية منذ إنشائه في أبريل 2017، وكذلك بعض الإجراءات التي تتخذها السلطات التنفيذية لتضييق الخناق على الحريات الصحفية والإعلامية كحجب المواقع الإلكترونية.

ويتناول القسم الثاني؛ الرصد الإحصائي لانتهاكات الحريات الصحفية والإعلامية في مصر عام 2018، حيث يتناول التقرير أولًا التعريف بمنهجية الرصد والتوثيق بـ”المرصد”، ثم الصعوبات والمعوقات التي واجهت عملية الرصد والتوثيق، والأساس الذي يتم بناءً عليه تصنيف هذه الانتهاكات، وأخيرًا، في هذا الجزء نتناول عرضًا إحصائيًا لانتهاكات الحريات الصحفية والإعلامية لعام 2018.

  • أولًا: نظرة عامة على الحريات الصحفية والإعلامية في مصر

يقدم هذا الجزء عرضًا تحليليًا نقديًا للتشريعات المصرية المنظمة للحريات الصحفية والإعلامية خلال عام 2018. والمنهج المقارن في مقارنتها بالدستور المصري والتشريعات الدولية، كما يعتمد التقرير منهجية التحليل الكيفي للحالة السياسية والقانونية وتأثيرها على الأداء المهني للصحفيين والإعلاميين، وتأثيرها أيضًا على المؤسسات الإعلامية، وذلك للوصول إلى الظروف الحالية التي تؤثر في حرية الإعلام في مصر، واستخلاص توصيات للإصلاح تحد من الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون/الإعلاميون في مصر.

  • البنية القانونية والتشريعية في عام 2018

شهد عام 2018، عدة تغييرات جوهرية طرأت على البنية التشريعية المنظمة للصحافة والإعلام في مصر؛ حيث صدرت ثلاثة تشريعات وقوانين جديدة مرتبطة مباشرة بالعمل الصحفي، وقد أحدثت تلك التشريعات حالة من الجدل والرفض الواسع؛ لما أوجدته من صلاحيات واسعة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وما خلقته من تضييقات على حرية الصحافة والإعلام بصورة خاصة، وحرية الرأي والتعبير بصورة عامة، وتهدف هذه القوانين إلى مد حالة الرقابة والتضييق على الصحف ومنصات الإعلام المختلفة، بما في ذلك الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات البالغ عدد متابعيها خمسة آلاف شخص فأكثر. وتمثلت هذه التشريعات التي صدرت في عام 2018 في:

لقد بدا واضحًا منذ إصدار الدستور المصري عام 2014، أهمية الملف الخاص بالصحافة والإعلام بشكل خاص، وملف حرية الرأي والتعبير بشكل عام، فلقد بلغ عدد المواد التي تناولت هذه الملفات 15 مادة من 247 مادة إجمالي مواد الدستور، وبشكل مباشر اختصت المواد رقم (68. 70. 71. 72.) بملف الصحافة والإعلام، وألزمت تلك النصوص الدولة بكفالة حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والرقمي والمسموع والإلكتروني، كما نظمت إصدار الصحف عن طريق الإخطار وأيضًا نظمت إجراءات إنشاء وتملك القنوات الإذاعية والمرئية والصحف الإلكترونية، وحظرت فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، وحددت الظروف التي يمكن خلالها فرض رقابة محددة على الصحف ووسائل الإعلام، كما ألزم الدستور من خلال المواد (211. 212. 213) السلطة التنفيذية بتقديم مقترح قانون يشمل تنظيم كل من الهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام.

وفي 18 من أغسطس صدق رئيس الجمهورية على قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، بعد موافقة مجلس الشعب عليه في الخامس من يونيو 2018. ويمنح هذا القانون الجهات القضائية والسلطة التنفيذية عدة صلاحيات أهمها؛ الرقابة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث منحت المادة السابعة من القانون جهات التحقيق صلاحية حجب المواقع على الإنترنت، لعدة اعتبارات منها تعريض أمن البلاد أو اقتصادها القومي إلى الخطر، دون تحديد ضوابط أو معايير لطبيعة تلك الاعتبارات، وبهذه المادة فتحت السلطة التشريعية بابًا آخر يمكن للسلطات التنفيذية الاعتماد عليه في تنفيذ قرارات الحجب بشكل قانوني.

وفي 27 أغسطس عام 2018، صدق رئيس الجمهورية بقرار على قانون رقم 180 لسنة 2018، بإصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام، والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، وذلك بعد موافقة مجلس النواب عليه بتاريخ 16 يوليو 2018، بالإضافة إلى تصديق رئيس الجمهورية على القانون رقم 179 لسنة 2018، بشأن الهيئة الوطنية للصحافة، وتم إلغاء القانون رقم 92 لسنة 2016 بشأن التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، بعد أقل من سنتين من إصداره.

ولقد سمحت هذه التشريعات بتغلغل أيادي السلطة التنفيذية في الجهات الحاكمة للصحافة والإعلام في مصر، حيث تم تعديل المواد التي تنظم تشكيل كل من المجلس الأعلى للإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، وتراجع تمثيل نقابة الصحفيين في القانون الأخير إلى عضو واحد في المجلس الأعلى وعضوين في الهيئة الوطنية للصحافة، في مقابل نسبة السلطة التنفيذية التي أصبحت لها اليد العليا.

كذلك فقد تقلص عدد أعضاء الهيئة الوطنية إلى تسعة أعضاء بدلًا من ١٣ عضوًا، حيث يختار الرئيس ثلاثة أعضاء بينهم الرئيس، ويختار وزير المالية عضوًا، فيما يعين الأمين العام من خارج أعضاء المجلس لتسيير الأوضاع. وتكرر الوضع مع المجلس الأعلى للإعلام، حيث يختار الرئيس عضوين من تسعة أعضاء، بخلاف ممثلي القومي للاتصالات، ورئيس جهاز حماية المنافسة، فيما تراجع تمثيل الصحفيين والإعلاميين لعضو واحد تختاره كل نقابة.

وقد اتسمت جميع التشريعات الصادرة باستخدام المصطلحات الفضفاضة والواسعة التي يمكن تأويلها على حسب أهواء وانحيازات المفسرين، وذلك في عدد من مواد القانون، وبالأخص المواد (10، 19، 29، 68، 100)، حيث أباحت المادة 19 حجب المواقع الإلكترونية والصحف والوسائل الإعلامية المختلفة سواء كانت شخصية أو اعتبارية عن طريق مفاهيم مرتبطة بالتمييز والعنصرية والدين والتحريض على مخالفة القانون أو الدعوة إلى التعصب، وكذلك المادة (26، 34) من قانون مكافحة جرائم الإنترنت، حيث أباحت المادة (26) من القانون الحبس والغرامة، بمعايير مرتبطة بالأداب العامة، دون تحديد ما المقصود بمصطلح الأداب العامة، كما حوت المادة 34 عددًا من المفاهيم غير الواضحة مثل (النظام العام، والأمن القومي، والسلام الاجتماعي). ولاشك أن استخدام تلك المصطلحات غير المحددة، تمكن أجهزة الدولة من استغلالها في فرض القيود على الحريات الإعلامية، وفرض صورة أخلاقية واجتماعية وسياسية واحدة هي الصورة التي تحددها الحكومة المصرية.

كما حملت عدد من المواد الكثير من العوار الدستوري، فالمادة الرابعة والخامسة من الباب الثاني من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، تتناقض مع مواد الدستور التي نظمت إنشاء الوكالات الصحفية والإعلامية عن طريق الإخطار، ليتحول الإخطار إلى ترخيص بموجبه يكون للدولة ممثلة في المجلس الأعلى للإعلام في قبول ورفض المؤسسة.

وفي نفس السياق بالغ القانون في التكاليف المالية اللازمة لإنشاء المؤسسات الإعلامية وهو أمر يحد من انتشار الصحف ووسائل الإعلام وتنوعها، حيث وضعت المادة 35 من نفس القانون مبلغًا ماليًا كبيرًا يصل إلى ستة ملايين جنيه، إذا كانت الصحيفة يومية، وفي حالة الصحف الإلكترونية يكون رأسمالها 100 ألف جنيه.

إلى جانب ذلك، ألزمت المادة 12 من القانون الصحفيين والإعلاميين، بإنهاء التصاريح اللازمة لحضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة، وإجراء اللقاءات مع الأشخاص والتصوير في الأماكن غير المحظور تصويرها بالتناقض مع مواد الدستور التي تأصل للعلانية وحق الصحفيين في الوصول إلى المعلومات.

ومن ثمَّ، ترى مؤسسة “المرصد المصري للصحافة والإعلام”، أن التشريعات تحمل الكثير من العوار الدستوري، كما يمثل إصدار هذه التشريعات خطوة تهدف إلى تأميم الصحف ووسائل الإعلام المعارضة، ويستهدف مد حالة الرقابة والتضييق على الصحف ومنصات الإعلام المختلفة، وكذلك استهداف المواطنين وحساباتهم الشخصية، البالغ عدد متابعيها خمسة آلاف شخص، ما يضع جميع الأشخاص تحت يد الدولة وسلطاتها، ولقد وضعت تلك القوانين عقوبات قاسية، مما يوحي باتجاه ممنهج لفرض حالة الصوت الواحد.

ويبدي “المرصد” تخوفه من استخدام التعبيرات الفضفاضة والواسعة التي شاع استخدامها في عدد من المواد، كسيف موجه إلى الوسائل الإعلامية المختلفة، لتضمن الدولة ولاء وصمت تلك المؤسسات، كما لاحظت “المؤسسة” المبالغة المالية الضخمة لإنشاء وترخيص الوسائل الإعلامية والصحفية. وتندد بأن هذه الشروط القاسية تقلل من إمكانية انتشار وتأسيس الوسائل الإعلامية المختلفة، كما تقلل من فرص الشباب والمبادرات الجديدة الشابة.

ويوصي “المرصد المصري للصحافة والإعلام”، البرلمان المصري بمراجعة كافة التشريعات والقوانين المتعلقة بحرية الرأي والتعبير بشكل عام، والحرية الإعلامية بشكل خاص، كما يوصي بإلغاء العقوبات السالبة للحرية في مجال الصحافة تأكيدًا لمواد الدستور، ويوصي بإلغاء النصوص القانونية التي تؤثر على الصحفيين في مجال عملهم، ويوصي أيضًا بإلغاء النص القانوني المقيد لحق إنشاء الصحف، على أن يقتصر إنشاء الصحيفة على الإخطار كما هو منصوص بالدستور مع إلغاء الشرط المادي في إنشائها.

في سياق شبيه، خيمت الضبابية على تعديل قانون نقابة الصحفيين، وكشف عبدالمحسن سلامة، نقيب الصحفيين بتاريخ 22 أغسطس 2018، في تصريحات لجريدة المصري اليوم، أنه انتهى من إعداد مشروع تعديل قانون نقابة الصحفيين القانون رقم 76 لسنة 1970، ومن المقرر عرضه على مجلس النقابة تمهيدًا لإرساله لمجلس النواب لإقراره.

وبتاريخ 27 أغسطس، أكد “سلامة” أن مسودة تعديلات قانون النقابة الجديد سيتم إعدادها خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أنه سيتم توزيع نسخ منها على أعضاء المجلس والصحفيين لمناقشتها خلال اجتماعات المجلس القادمة، وهو ما لم يحدث، ما تسبب في خلق حالة من الجدل بين النقيب وعدد من أعضاء المجلس، حيث أعرب خمسة أعضاء منهم في بيان لهم، عن رفضهم مسودة القانون كمبدأ، وهم جمال عبدالرحيم ومحمد خراجة ومحمد سعد عبدالحفيظ ومحمود كامل وعمرو بدر. وحتى كتابة هذه السطور (نهاية ديسمبر 2018)، لم يتم عرض مشروع القانون على أي من أعضاء مجلس النقابة أو الصحفيين.

وانتهج عبد المحسن سلامة، في إعداد مسودة القانون الجديد سياسة تتسم بالعشوائية والضبابية، منها؛ أنه لم يُشرك أي من الصحفيين أو المؤسسات الصحفية أو منظمات المجتمع المدني في مناقشات تعديل مسودة القانون، وغياب الجمعية العمومية، صاحبة الحق والتي سيؤثر القانون بالتبعية على مصالحها المباشرة، كما لم يقوم حتى بعمل مناقشات حول المبادئ العامة التي تحكم القانون الجديد، فتلك النقاشات كانت ستضمن وجود رؤية متماسكة وأكثر تمثيلًا لتطلعات الصحفيين بشأن القانون.

جدير بالذكر أن القانون الحالي يدخل على ما يقرب من خمسة عقود منذ إصداره عام 1970، في عهد الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، وأصبح هناك ضرورة ملحة لتعديله، فخلال خمسة عقود حدثت الكثير من التطورات والتغيرات على المستوى السياسي والتشريعي، كما طرأت تغيرات كثيرة في مجالي الصحافة والإعلام، لذلك أصبح القانون لا يواكب العصر لا على مستوى التطورات المهنية أو حتى على مستوى التغيرات السياسية الضخمة أو حتى على مستوى الدستور والتطورات التشريعية.

كذلك فإن السياق الزمني على المستوى التشريعي وعلى المستوى المهني المصاحب لإصدار القانون، يخلق حالة من التوتر والشكوك، فالإعلان عن مسودة القانون الجديد يأتي بعد إصدار قانون “الجريمة الإلكترونية”، ويأتي مباشرة بعد قانون “تنظيم الصحافة والإعلام”، ما يخلق إطارًا تزداد فيه التخوفات من نية إصدار القانون الجديد خصوصًا قبل انتخابات نقابة الصحفيين المقررة في شهر مارس من عام 2019، لا سيما بعد تصريحات عن نية اللجنة إلغاء التجديد النصفي وتصبح انتخابات كل المقاعد (الأعضاء والنقيب) كل أربع سنوات.

وثمة إشكالية أخرى تتعلق بإتاحة المعلومات بشأن مشروع القانون؛ فلم تكن هناك آلية واضحة في عرض المعلومات بشأن مناقشات اللجنة وتطوير مشروع القانون، ولم تسع اللجنة إلى إصدار بيانات صحفية بشكل دوري تحوي تفاصيل عن طبيعة عملها وما توصلت إليه، كما لم تعقد مؤتمرات صحفية بهذا الشأن، وبدلًا عن ذلك، أصبح المصدر الوحيد لعمل اللجنة وتطورات مشروع القانون، هو تصريحات نقيب الصحفيين في المنصات الإعلامية المختلفة.

كذلك برزت إشكالية اختيار اللجنة وآليات عملها؛ حيث تعمل اللجنة المشكلة لصياغة القانون في الظل، ولا يتوافر لدينا أية معلومات عن ماهية اللجنة وآليات عملها، أو عدد أعضائها، أو التركيب التنظيمي والهيكلي لها، كما تم تشكيل اللجنة بقرار فردي من نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة.

  • المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام: الرقيب الأعلى لوسائل الإعلام فى مصر

أنشئ المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام طبقًا للقانون رقم 92 لسنة 2016 في شأن التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، وفي يوم الثلاثاء الموافق 11 أبريل أصدر رئيس الجمهورية ثلاثة قرارات جمهورية حملت أرقام 158 و159 و160 لعام 2017 بتشكيل الهيئات الإعلامية الثلاث الممثلة في المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام، وأسندت رئاسة المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى الصحفي: مكرم محمد أحمد. وعلى الرغم من أن المجلس هو السلطة المختصة فى مصر بحماية حرية الرأى والفكر والتعبير وضمان استقلال الإعلام طبقًا لنصوص الدستور والقانون، إلا أن المجلس قد تناسى دوره الأساسي، ومنذ تشكيله أصبح المجلس ممثل دور الإدارة السلطوية السياسية والأخلاقية على وسائل الإعلام، وأصدر المجلس خلال عام 2017، 14 قرارًا أهمها وضع كود أخلاقي عمري على المسلسلات والبرامج، وتحديد الفئة العمرية المسموح لها بالمشاهدة، كما أصدر قرارًا هامًا باعتبار مقدم البرامج هو المسؤول عن ضيوفه.

وفي عام 2018، لم يتوقف المجلس عن إصدار القرارات وتوقيع العقوبات التي تهدف إلى التضييق على مساحات حرية الرأي والتعبير، فلقد نصَّب المجلس نفسه ممثلًا لدور شرطة الأخلاق في المجتمع الإعلامي، حتى وصل الأمر من الوصاية الأخلاقية إلى تحديد شكل الملابس وهيئة مقدمي البرامج، وهو ما قام بترجمته رئيس المجلس مكرم محمد أحمد، إلى تهديد وسائل الإعلام قائلًا: “سنواجه خروج أي قناة عن المعايير الإعلامية بإجراءات حاسمة”، وذلك في بيان للمجلس بتاريخ 17 سبتمبر 2018.

وقد ترجم المجلس هذه الوصاية الأخلاقية والمهنية إلى نصوص مكتوبة وهو ما تم تعريفه بــ”المعايير الإعلامية وأكواد التغطية المتخصصة“، حيث طالب المجلس الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية، وكذلك القنوات الفضائية بتطبيق المعايير الأخلاقية والمهنية التي يراها المجلس عند تناول القضايا والأخبار، وقام بوضع لائحة جزاءات لمعاقبة المخالفين لتلك المعايير الإعلامية اتسمت بالغرامات المالية المبالغ فيها، بالإضافة إلى منح المجلس نفسه صلاحية وقف البرامج وكذلك المنع من البث.

ولقد استطاعت وحدة الرصد والتوثيق بمؤسستنا “المرصد المصري للصحافة والإعلام”، انطلاقًا من المنهجية والمعايير التي تتبناها “المؤسسة”، رصد وتوثيق عدد 58 انتهاكًا، قام بها المجلس الأعلى فقط في عام 2018، تفاوتت بين إيقاف البرامج، والغرامات المالية، وتحويل عدد من الإعلاميين والصحفيين إلى التحقيق بواسطة نقابتهم المختصة، وتوقيع عقوبات على العاملين في وسائل الإعلام نهاية بمنع بث قناة ltc الفضائية الخاصة، لحين تقنين أوضاعها وذلك في الثالث من ديسمبر عام 2018، وجاء هذا القرار بعد أن تم منح القناة مهلة لتقنين أوضاعها، انتهت في يوم 20 نوفمبر 2018، على حسب ما جاء في قرار المجلس الخاص بمنع البث.

وفي الثامن من شهر ديسمبر عام 2018، أصدر المجلس بيانًا يوضح فيه حيثيات منع بث قناة LTC، وأوضح المجلس في هذا البيان أن الأعلى لتنظيم الإعلام أصدر عدة قرارات بلغ عددها 13 قرارًا بين توجيه الإنذارات، وإحالات مذيعين للتحقيق، وإيقاف برامج وكذلك إيقاف مذيعين، وغرامات مالية، وأيضًا قطع البث عن بعض البرامج، نهاية بمنع بث القناة حتى تقنين أوضاعها، وقد سبقه قرار بمنع بث القناة لمدة أسبوعين في بداية شهر سبتمبر عام 2018، في قرار المجلس رقم (50) لسنة 2018.

وتبدي مؤسسة “المرصد المصري للصحافة والإعلام” تخوفها من هذا القرار؛ بوقف قناة LTC، وعلى الرغم من تحفظنا على محتوى البرامج في القناة وسياسة القناة التحريرية، فإننا نرفض بالتوازي قرار المجلس الأعلى للإعلام. وتتخوف “المؤسسة” من تلك الخطوة كونها تفتح باب إيقاف القنوات ومنع البث عنها عن طريق جهة واحدة تتولى التحقيق وكذلك تتولى سلطة إصدار القرار.

وبالعودة إلى صلاحيات المجلس، فلقد حدد الدستور المصري (2014) اختصاصات المجلس التي تتمثل في: تنظيم شؤون الإعلام المسموع والمرئي، وتنظيم الصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها. وأن يكون المجلس مسئولًا عن ضمان وحماية حرية الصحافة والإعلام المقررة بالدستور، والحفاظ على استقلالها وحيادها وتعدديتها وتنوعها، ومنع الممارسات الاحتكارية، ومراقبة سلامة مصادر تمويل المؤسسات الصحفية والإعلامية، ووضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الإعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها، ومقتضيات الأمن القومى وذلك على الوجه المبين في القانون. وأن يُؤخذ رأي المجلس في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عمله.

كما حدد القانون رقم (180) لسنة 2018، اختصاصات المجلس الأعلى للإعلام، التي تتمثل في حماية حق المواطن في التمتع بـإعلام وصحافة حرة ونزيهة وعلى قدر رفيع من المهنية وفق معايير الجودة الدولية، وبما يتوافق مع الهوية الثقافية المصرية. وضمان استقلال المؤسسات الصحفية والإعلامية وحيادها وتعددها وتنوعها. وضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية بمعايير وأصول المهنة وأخلاقياتها. وضمان التزام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية بمقتضيات الأمن القومي. وضمان احترام الوسائل والمؤسسات الإعلامية والصحفية لحقوق الملكية الفكرية والأدبية. والعمل على وصول الخدمات الصحفية والإعلامية إلى جميع مناطق الجمهورية بشكل عادل. وضمان ممارسة النشاط الاقتصادي في مجالي الصحافة والإعلام على نحو لا يؤدي إلى منع حرية المنافسة أو تقييدها أو الإضرار بها. وضمان سلامة مصادر تمويل المؤسسات الإعلامية والصحفية. وإنفاذ المعايير البيئية والفنية في مجال البث المسموع والمرئي والرقمي والصحافة المطبوعة والرقمية وغيرها. ومنع الممارسات الاحتكارية في مجال الصحافة والإعلام. وحماية حقوق الملكية الفكرية في مجالي الصحافة والإعلام.

  • النيابة العامة تراقب وسائل الإعلام

أصدر النائب العام، المستشار نبيل أحمد صادق، بيانًا في 28 فبراير عام 2018، يكلف فيه المحامين العامين ورؤساء النيابة العامة كل في دائرة اختصاصه، بمتابعة وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وقد جاء البيان يستهدف ما أسماه “قوى الشر”، وقد حدد البيان قوى الشر بأنها القوى التي تستهدف النيل من أمن وسلامة الوطن، وضبط ما يبث عمدًا من أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام أو إلقاء الرعب في نفوس أفراد المجتمع، أو يترتب عليها إلحاق الضرر بالمصلحة العامة للدولة المصرية، كما أمر النائب العام رؤساء النيابة باتخاذ الإجراءات الجنائية اللازمة حيال وسائل الإعلام المخالفة.

ولقد أسس البيان بشكل رسمي، لدخول السلطة القضائية في دائرة الرقباء الذين يتابعون الوسائل الإعلامية المختلفة، بجانب المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام ونقابتي الصحفيين والإعلاميين. كما ألزم البيان أعضاء النيابة العامة باتخاذ الإجراءات الجنائية اللازمة، التي ستتحول -بلا ريب- إلى عقوبات ضد العاملين في وسائل الإعلام، وهو ما يمثل تهديدًا يضاف إلى التهديدات التي يعاني منها العاملون في وسائل الإعلام بالإضافة إلى مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي.

ولم تكتف جهات النيابة العامة بمطالبة الجهات المسؤولة عن الإعلام وعن وسائل التواصل الاجتماعي بإخطارها بكل ما يمثل خروجًا عن مواثيق الإعلام والنشر، بل امتدت بمطالبة جميع المواطنين بالإبلاغ عن تجاوزات العاملين في وسائل الإعلام، لتحول النيابة العامة جميع المواطنين إلى “مخبرين” يقدمون البلاغات ضد العاملين في وسائل الإعلام وفق أهوائهم وتفسيراتهم الشخصية.

كما برز أيضًا هذا العام اسم النيابة العامة كأحد المتورطين في واقعة إغلاق جريدة المصريون، وتكليف لجنة إدارية من مؤسسة الأخبار لإدارتها، حيث توجهت قوة أمنية تابعة لوزارة الداخلية المصرية بصحبة عضو من النيابة العامة إلى مقر جريدة المصريون، المملوكة لشركة “المصريون للصحافة”، حيث صادرت القوة الأمنية الهواتف الشخصية للصحفيين واحتجزتهم، كما فحصت الأجهزة الموجودة بالصحيفة، وجردت لجنة من وزارة العدل منقولات الجريدة وحررت محضر جرد بتلك المنقولات. ويأتي ذلك تنفيذًا لقرار التحفظ على أموال الجريدة الصادر بتاريخ 11 سبتمبر، وتعيين لجنة إدارية متخصصة من جريدة الأخبار لإدارة شؤون الموقع.

ويُذكر أن التحفظ على أموال الشركة ضمن قرار “لجنة حصر أموال جماعة الإخوان”، برئاسة محمد ياسر أبو الفتوح، ويأتي قرار اللجنة كأول تنفيذ للقانون رقم 22 لسنة 2018، بإدراج أموال الشركة ضمن قرار التحفظ على أموال 1589 شخصًا، و118 شركة و1133 جمعية أهلية و104 مدرسة و69 مستشفى و33 موقعًا إلكترونيًا وقناة فضائية.

وتعتبر تلك الخطوة نقلة نوعية في التعامل مع ملف الصحافة والإعلام، فهي المرة الأولى التي تقوم بها إحدى المؤسسات بالتحفظ على وسيلة إعلامية، وتأميمها لصالح الدولة، وكذلك يخالف القرار المواد (71، 72) من الدستور المصري (2014) مخالفة صريحة، فتحظر المادة 71 فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها وإغلاقها، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة، كما تلزم المادة (72) الدولة بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص في مخاطبة الرأي العام.

كما تخالف حيثيات تنفيذ القرار المادة (57) من الدستور: للحياة الخاصة حرمة، وهي مصونة لا تمس. وللمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة ولا تجوز مصادرتها أو الإطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة وفي الأحوال التي يبينها القانون.

وتعرب “المؤسسة” عن قلقها من التطورات المفاجئة والسريعة في مجال الصحافة والإعلام، ويرى “المرصد” أن هناك اتجاهًا ممنهجًا تحت غطاء قانوني، يستهدف خنق حرية الرأي والتعبير انتهت بتأميم إحدى الصحف المستقلة، وضمها لكنف الدولة، وترى “المؤسسة” أن قرار التحفظ على الأموال على مستوى اتخاذ القرار وتنفيذه مخالفين للمواد (57، 71، 72) من الدستور المصري.

  • حجب المواقع الإلكترونية: عقوبة مستمرة

بدأت السلطات المصرية بحجب المواقع الإلكترونية في الرابع والعشرين من مايو لعام 2017، عن طريق حجب 21 موقعًا يقدم محتوى صحفي وإخباري. وفي اليوم التالي الموافق 25 من مايو، نشر الموقع الإلكتروني لصحيفة المصري اليوم تقريرًا حصلت عليه من “جهة سيادية” يبرر أسباب الحجب، ويرصد تجارب الدول الأجنبية والعربية في حجب المواقع الإلكترونية، واحتوى التقرير على عدد من المبررات التي صاغتها “الجهة السيادية” لتوضيح حق الدولة والسلطات في حجب المواقع التي “تدعم الإرهاب والتطرف”، وذلك لفرض سيادتها، وحماية أمنها القومي. وتشير بعض الآراء إلى تورط جهات حكومية في اتخاذ قرارات الحجب وتنفيذه، بيد أنه لم تعلن أي جهة حكومية أو غير حكومية مسؤوليتها عن هذا الحجب.

وقد واصلت السلطات المصرية حجب المواقع حتى وصل عددها وفقًا لإحصاء مؤسسة حرية الفكر والتعبير، إلى نحو 496 موقعًا، حتى 1 فبراير عام 2018. وتختلف تخصصات المواقع المحجوبة بين مواقع إخبارية مصرية تملك نسخ ورقية تصدر وفقًا للتشريع المصري، ومواقع إخبارية تعمل خارج مصر أو تابعة لقنوات فضائية. وقد وصل عدد المواقع الصحفية والإعلامية التي طالها الحجب إلى 100 موقع.

وفي هذا الإطار قامت ثلاث جهات برفع قضايا تختص بحجب المواقع وهي: مدى مصر في القضية المرفوعة رقم 51294 لسنة 71 ق، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير في القضية المرفوعة رقم 52474 لسنة 71 ق، وقناة الشرق الفضائية في القضية المرفوعة رقم 50624 لسنة 71 ق، حيث طالبت تلك الجهات الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات ووزارة الاتصالات بوقف تنفيذ القرار السلبي بامتناع جهة الإدارة عن الإجابة بصورة رسمية من قرار حجب عدد من المواقع في حالة صدور قرار بالحجب، مع إلزام جهة الإدارة بتوضيح الأسباب الإدارية والفنية التي أدت إلى حجب المواقع، في حالة عدم صدور قرار.

كما طالبت بإلزام مقدمي خدمة الاتصالات بإزالة العقبات التقنية لتمكين المستخدمين من الوصول إلى المواقع، على الجانب الآخر، فقد أقامت دعوى قناة “الشرق” ضد وزير الداخلية ورئيس مجلس الوزراء بصفتيهما، وطالبت الدعوى بوقف قرار حجب موقع قناة “الشرق” وبعض المواقع الأخرى. لاحقًا أُضيف الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات كخصم في قضية قناة “الشرق”، بعد أن أقرّت هيئة قضايا الدولة، أن الجهة المسؤولة والتي يجب سؤالها عن قرار الحجب هي الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات.

ووفقًا للقانون، هناك أكثر من جهة منوطة بحجب المواقع الإلكترونية، ولا يمكننا تحديد أي من الجهات هي المسؤولة عن ظاهرة الحجب دون الاستناد إلى قرار رسمي أو مكتوب من تلك الجهات، وهناك خمس جهات يمنحها القانون صلاحيات حجب المواقع الإلكترونية وهي:

  • المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام: وذلك وفقًا للمادة رقم (6) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام، رقم 180 لسنة 2018، الصادر في نهاية أغسطس عام 2018.
  • جهات التحقيق وجهات التحري والضبط: وذلك وفقًا للمادة (7) من قانون جرائم تقنية المعلومات، رقم 175 لسنة 2018، الصادر في منتصف أغسطس 2018.
  • النيابة العامة، سلطة التحقيق: وذلك وفقًا للمواد (49) من قانون مكافحة الإرهاب، القانون رقم 94 لسنة 2015.
  • رئيس الجمهورية أو أي شخص يقوم بتكليفه: طبقًا للمادة رقم (3) من قانون الطوارئ رقم 162 لسنة 1958.
  • الحكومة المصرية: وذلك وفقًا للمادة 67 من قانون تنظيم الاتصالات رقم 10 لسنة 2003.

وترى مؤسسة “المرصد المصري للصحافة والإعلام” أن حجب المواقع الإلكترونية صورة من صور التضييق على مساحات حرية الرأي والتعبير، كما تعتبر انتهاكًا للحق في المعرفة وتداول المعلومات، والحريات الإعلامية، وتأتي هذه القرارات كجزء من صورة كاملة تم رسمها لـخنق المجال العام، بالتوازي مع إصدار عدد من التشريعات تهدف إلى فرض السيطرة على ما يبث بواسطة وسائل الإعلام المختلفة.

ويعتبر حجب المواقع الإلكترونية إجراء مخالف للمواد (57، 65، 71) من الدستور المصري، وانتهاكًا للمادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدقت عليه مصر عام 1967، وكذلك يعتبر انتهاكًا للمادة (19) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وتطالب “المؤسسة”، بضرورة تمكين المواطنين من حقوقهم في النفاذ إلى جميع المواقع الإلكترونية، كما تطالب السلطات المصرية بضروة التعرف على الجهات المسؤولة عن حجب المواقع في مصر وأسباب الحجب، والإعلان الرسمي عن ذلك.

وتوصي مؤسسة “المرصد المصري للصحافة والإعلام” نقابة الصحفيين وكذلك نقابة الإعلاميين والمجلس الأعلى للإعلام بحماية الوسائل الإعلامية وتمكينها من ممارسة عملها بحرية وشفافية تامة، وتوصي تلك الجهات أيضًا بالوقوف في وجه قرارات الحجب لما فيها من انتهاك لحق المواطن في المعرفة والوصول إلى المعلومات.

  • ثانيًا: الرصد الإحصائي لانتهاكات الحريات الصحفية والإعلامية في مصر عام 2018
  • منهجية الرصد والتوثيق بالمرصد

تعتمد منهجية “المرصد” في الرصد والتوثيق على ثلاثة محاور رئيسية؛ أولًا: البحث عبر الوسائل الإعلامية الإلكترونية في حالة عدم توفر معلومات ميدانية أو طرق التواصل المباشر، ثم التواصل مع الصحفيين/ الإعلاميين الواقع بحقهم الانتهاكات وتوثيق شهادتهم، وثانيًا: الاعتماد على ما يرد إلى “المرصد” من بلاغات وشكاوى وتوثيقها، وثالثًا: فريق العمل الميداني لـ”المرصد” ومصادره الخاصة.

وتشمل عملية الرصد والتوثيق التي أجرتها وحدة الرصد والتوثيق بـ”المؤسسة”، عام 2018 بالكامل، كما تشمل عملية الرصد كل الانتهاكات الواقعة ضد الصحفيين والإعلاميين في مختلف محافظات جمهورية مصر العربية.

  • الصعوبات والمعوقات التي واجهت عملية الرصد والتوثيق

تواجه عملية الرصد والتوثيق مجموعة من الصعوبات أهمها:

  • حجب المعلومات بطريقة متعمدة، بسبب حالة التعتيم التي تتسم بها أغلب مؤسسات الدولة.
  • تعرض بعض الصحفيين من الضحايا للتهديدات سواء من قِبل جهات أمنية أو عبر مسؤولين في مؤسساتهم الصحفية، مما يجعلهم يمتنعون عن الإفصاح عن الانتهاكات التي تقع ضدهم، أو يمتنعون عن توثيق شهادتهم في حالة تم العلم بهذه الانتهاكات التي وقعت بحقهم.
  • صعوبة الوصول إلى مكان الحدث لأسباب أمنية أو لأسباب تتعلق بالبعد الجغرافي، والذي يجعل هناك صعوبة في متابعة لحظية لكل الوقائع (مثل محافظات جنوب الصعيد) أو لتعدد حالات الانتهاكات في وقت واحد.
  • حالة التضييق السياسي والأمني على منظمات المجتمع المدني، وتعرض مستقبلهم المهني للتهديدات بالغلق والملاحقة من قِبل العديد من الجهات، عبر قوانين مقيدة للأنشطة أو تعديلات تشريعية للعقوبات بتهم فضفاضة، ما أثر على وضع منظمات حقوق الإنسان داخل المجتمع عمومًا وقلَّص من إمكانية التواصل مع الجهات الرسمية، وفرص حصولهم على المعلومات بشكل مباشر.
  • هناك بعض الحالات التي كان بها تناقض في المعلومات أو المبالغة من قِبل الضحايا أو الشهود لأسباب شخصية أو فكرية أو سياسية، ما يُضعف من دقة المعلومات ويُفرض عدم تداولها من أجل تحقيق مبادئ الشفافية والمصداقية.
  • أساسيات تصنيف الانتهاكات بـ”المرصد”

اتبع فريق عمل “المرصد” في تصنيف وتقسيم الانتهاكات القواعد التالية:

  • حالة الانتهاك: هي كل واقعة محددة بتوقيت معين ومكان معين، يحدث فيها انتهاك معين، لعدد “صحفي واحد”؛ فعلى سبيل المثال: إذا أُلقي القبض على ثلاثة صحفيين في واقعة معينة، وتعرض أحدهم للضرب وآخر للتعدي بالقول، سيتم احتساب خمسة انتهاكات، في تلك الحالة (ثلاث حالات للقبض على كل صحفي، حالة ضرب لصحفي، حالة تعدي بالقول لصحفي).

هذا عدا حالات خاصة لانتهاكات جماعية للصحفيين، مثل منع التصوير لجميع الصحفيين أثناء حدث معين، فيتم تسجيلها كحالة انتهاك واحدة (انتهاك جماعي بمنع التصوير).

  • تقسيم الانتهاكات: تقسم الانتهاكات التي تعرض إليها الصحفيون إلى قسمين رئيسين في هذا التقرير، حسب نوع الضرر (جسدي، مادي، معنوي، مهني، وظيفي، ملاحقة قضائية)، ثم حسب نوع الانتهاك نفسه (سيتم استعراضها بالتفصيل أدناه)، حيث تكون كل حالة انتهاك لها نوع ضرر معين ونوع انتهاك معين، وبذلك يتم تمييز كل حالة انتهاك بنقاط محددة (مكان معين، وزمان معين، نوع الانتهاك، صحفي معين).

وفيما يلي عرض سريع لأنواع الأضرار الرئيسية، وهي كما يلي:

  • أضرار جسدية: وتتمثل أهم الأضرار الجسدية في:
  • تعدٍ بالضرب أو إحداث إصابة وتشمل الضرب والسحل والتعذيب، أو إصابة مباشرة خلال تغطية اشتباكات أو نتيجة للضرب.
  • تعدٍ بالضرب أو إحداث إصابة داخل مكان احتجاز تكون حالات منفصلة تحدث داخل أماكن الاحتجاز أثناء حبس الصحفي.
  • أضرار معنوية: وتتمثل أهم الأضرار المعنوية في:
  • قبض وإحالة للنيابة؛ تشمل عملية القبض على صحفي وتحرير محضر ضده بتوجيه اتهامات ثم العرض على النيابة.
  • احتجاز غير قانوني؛ تعني احتجاز الصحفي بواسطة قوات نظامية داخل مكان مخصص للاحتجاز لفترة من الزمن ثم إطلاق سراحه دون تحرير محضر وتوجيه اتهامات.
  • استيقاف وتفتيش؛ تكون لمدة زمنية قصيرة دون ترحيل الصحفي إلى مكان احتجاز معين أو تقييده بـ “الكلابشات” المخصصة لذلك، ثم يتم إطلاق سراح الصحفي بعدها دون تحرير محضر.
  • تعدٍ بالقول أو التهديد؛ تشمل السب والألفاظ النابية والتهديدات سواء بطريقة مباشرة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
  • تعدٍ بالقول أو التهديد داخل مكان احتجاز؛ وتكون حالات منفصلة تحدث داخل أماكن الاحتجاز أثناء حبس الصحفي.
  • أضرار مهنية: وتشمل أهم الأضرار المهنية ما يلي:
  • منع التغطية الصحفية؛ وتشمل جميع وسائل المنع من التغطية سواء تصوير أو بث أو إزالة ما صور بالكاميرا مع مراعاة أنه يتم تسجيلها كانتهاك جماعي واحد في حالة حدوثها خلال واقعة مُحددة الزمان والمكان، فيما يرتبط بحدث عام معين مثل المؤتمرات والندوات، بغض النظر عن عدد الصحفيين المتضررين، أما في حالة كون الواقعة متغيرة الأبعاد المكانية والزمانية مثل التظاهرات والمسيرات فيتم تسجيل كل حالة منع من التغطية لكل صحفي على حدة).
  • منع إذاعة أو بث محتوى إعلامي؛ تشمل حالات منع نشر أو بث أو إذاعة أخبار أو مقالات أو برامج أو أي محتوى إعلامي عبر وسائط مسموعة أو مكتوبة أو مرئية.
  • قرار حظر نشر؛ تشمل قرارات حظر النشر الصادرة بواسطة النيابة العامة فيما يتعلق بقضايا رأي عام متداولة.
  • مصادرة جريدة؛ تشمل وقائع مصادرة أعداد الجرائد وفرمها.
  • اقتحام مقر مؤسسة صحفية؛ تشمل وقائع الهجوم على مقر صحفي أو مؤسسة إعلامية أو نقابة الصحفيين.
  • ملاحقة قضائية: وتشمل أهم الأضرار في هذا الجانب ما يلي:
  • التقاضي بتقديم بلاغات ومحاضر؛ وغالبا تكون الاتهامات مرتبطة بالسب والقذف وبث أخبار كاذبة أمام جهات التحقيق قبل الفصل فيها أمام المحكمة.
  • أحكام قضائية بالحبس؛ تكون أمام محاكم نظر الموضوع المختلفة سواء جنح أو جنح مستأنف أو جنايات ضد صحفيين في قضايا تتعلق بعملهم الصحفي.
  • تقييد حرية التنقل؛ حالات تقييد إقامة أو حرية تنقل صحفيين داخل وخارج البلاد مثل منع السفر أو منع دخول البلاد أو الترحيل خارج البلاد سواء تمت بقرارات من الجهات المعنية أو بدون قرار إداري (وتكون حينئذ مسجلة بمنع دخول البلاد).
  • أضرار وظيفية وإدارية: وتشمل أهم الأضرار الوظيفية والإدارية ما يلي:
  • إجراء إداري تأديبي؛ هي التحقيقات الإدارية الداخلية في المؤسسات الصحفية والإعلامية أو ما يتعلق بالشؤون الإدارية للصحفي داخل نقابة الصحفيين، فيما يتعلق بطبيعة عمله الصحفي.
  • أضرار مادية: وتشمل أهم الأضرار المادية ما يلي:
  • إتلاف أو حرق معدات صحفية؛ تشمل جميع الأضرار التي تصيب المعدات والممتلكات المخصصة للعمل الصحفي دون طابع الاستخدام الشخصي.
  • الاستيلاء على معدات صحفية؛ تشمل حالات التحفظ على معدات صحفية بواسطة الجهات الرسمية المختصة أثناء تأدية العمل الصحفي أو اختطافها بواسطة أفراد أو مجموعات أو جهات غير مختصة بذلك.
  • إخلاء سبيل بكفالة مالية؛ عبر جهات التحقيق المختلفة بعد القبض على الصحفيين الميدانيين وتوجيه اتهامات قبل الإحالة لمحكمة الموضوع.
  • فرض غرامة مالية؛ عبر أحكام قضائية في محاكم الجنح أو الجنح المستأنفة أو الجنايات.
  • عرض إحصائي لأبرز انتهاكات الحريات الصحفية والإعلامية عام 2018

سجل “المرصد المصري للصحافة والإعلام” عدد (218) حالة انتهاك خلال عام 2018، حيث تم توثيق عدد 121 انتهاك توثيقًا مباشرًا، كما تم توثيق عدد (97) انتهاك بصورة غير مباشرة، عن طريق مصادر صحفية أو منظمات حقوقية.

غلب على حالات الانتهاك هذا العام الشكل الجماعي، بواقع عدد 97 حالة انتهاك من إجمالي الانتهاكات البالغ عددها 218 حالة انتهاك، وكان الذكور الأكثر نصيبًا في الانتهاكات الفردية، بواقع 86 حالة انتهاك، في مقابل الإناث، اللاتي تعرضن لعدد 35 حالة انتهاك.

تعرض الصحفيون/ الإعلاميون خلال عام 2018، لأنواع شتى من مختلف الانتهاكات، والتي كان أبرزها انتهاك المنع من التغطية الصحفية أو مسح محتوى كاميرا، حيث سجل “المرصد” عدد (65) حالة تم فيها منع الصحفيين/ الإعلاميين من التغطية الصحفية لعدد مختلف من الفعاليات، وهو الانتهاك الأكثر شيوعًا خلال هذا العام.

وفي المرتبة الثانية، سجل “المرصد” عدد (24) حالة تعد بالقول أو بالتهديد، كما حصد انتهاك إيقاف البرامج والقنوات المرتبة الثالثة بواقع (20) حالة. وسجل “المرصد” عدد (18) حالة اعتداء بالضرب أو الإصابة، و(12) حالة احتجاز غير قانوني، كما شهد هذا العام (9) أحكام بالحبس ضد عدد من الصحفيين والإعلاميين. وقام “المرصد” بتسجيل عدد (7) حالات لصحفيين وإعلاميين تم منعهم من دخول الأراضي المصرية، وكذلك سجل “المرصد” عدد (6) حالات تم فيها منع الصحفيين والإعلاميين من أداء عملهم.

وتم تسجيل (6) حالات حصل فيها صحفيون على إخلاء سبيل بكفالة مالية، ونفس العدد لكل من (فرض غرامات مالية، وملاحقات قضائية، وواقعة القبض أو الاتهام)، واستطاع فريق العمل بـ “المؤسسة” تسجيل 5 حالات تم فيها حجب مواقع إلكترونية بشكل جزئي أو كلي.

وتم رصد عدد (4) وقائع تم فيها سرقة المتعلقات الشخصية الخاصة بالصحفيين/ الإعلاميين، وشهد أيضًا تسجيل 3 حالات تم فيها (اختراق موقع إلكتروني، منع من النشر، إحالة للتحقيق، فصل تعسفي).

واستطاعت “المؤسسة” تسجيل حالتين تم فيهما حجب الحقوق المادية، وحالتين أيضًا تم فيهما منع الصحفيين/ الإعلاميين من دخول النادي على حسب الهوية.

وأخيرًا، وثق “المرصد” حالة واحدة تم فيها (منع من الظهور في الإعلام، مصادرة أموال وأملاك، مراقبة شرطية، تجميد موقع إلكتروني، اقتحام منزل صحفي، منع من البث، إغلاق برنامج تليفزيوني).

تصدرت المؤسسات الصحفية والإعلامية، وهي الجهات المنوطة بالحفاظ على حقوق الصحفيين والإعلاميين العاملين بها، أكتر الجهات انتهاكًا لحقوقهم خلال عام 2018، بواقع (50) حالة انتهاك، تلتها وزارة الداخلية بواقع (47) حالة انتهاك ضد الصحفيين والإعلاميين، وهو ما يوحي باستمرار الممارسات الأمنية ضد الصحفيين والإعلاميين.

وفى المرتبة الثالثة تورطت الجهات القضائية في (33) واقعة تعرض فيها العاملين في وسائل الإعلام لانتهاكات، كان الغالب عليها منع الصحفيين والإعلاميين من دخول المحاكم وتغطية عدد من الجلسات. وبرز اسم الأمن المدني والحراسات الخاصة كجهة معتدية على الصحفيين والإعلاميين في (30) واقعة، ورصدت “المؤسسة” عدد (25) حالة انتهاك قامت بها الجهات الحكومية والمسؤولين.

كما قامت وحدة الرصد والتوثيق بـ”المؤسسة”، برصد 10 حالات قام فيها المدنيون بالاعتداء على الصحفيين والإعلاميين، وعدد (9) حالات قامت بها جهات غير محددة، لم تتثنى للوحدة التأكد فيها من هوية جهة المعتدي. وتورطت نقابة الصحفيين والمفترض أنه من أحد مسؤولياتها توفير السبل اللازمة لحماية الصحفيين في عدد (4) حالات انتهاك، كان جميعهم في شهر ديسمبر لعام 2018.

كما رصدت المؤسسة (4) حالات انتهاك تورطت فيها جهات نقابية وجهات رياضية بواقع حالتين لكل جهة، وأخيرًا تورطت كلًا من نقابة المهن التمثيلية ومجلس النواب في حالة انتهاك واحدة لكل منهما.

تشير الأرقام بأن العاملين في وسائل الإعلام الخاصة بأنواعها، كانوا هم الأكثر تعرضًا للانتهاكات، حيث تعرض العاملون في الصحف المصرية الخاصة، إلى عدد (56) حالة انتهاك، في مقابل العاملين في الصحف القومية، الذين تعرضوا إلى (7) حالات انتهاك، بينما تعرض العاملون في الصحف الحزبية إلى (5) حالات انتهاك، وتعرض العاملون في الشبكات والمواقع الإخبارية الإلكترونية إلى (28) حالة انتهاك.

ورصدت “المؤسسة” عدد (31) حالة انتهاك بحق القنوات المصرية الخاصة، في مقابل حالتي انتهاك فقط بحق القنوات المصرية الحكومية.

على مدار عام 2018، كان المحررون الصحفيون الأكثر عرضة للانتهاكات، بواقع (43) حالة انتهاك، ورصدت “المؤسسة” عدد (28) حالة انتهاك ضد المصورين، لتسجل الانتهاكات الواقعة بحق كل من المحررين الصحفيين المصريين أعلى عدد من الحالات خلال عام 2018.

وفى المقابل رصدت “المؤسسة” حالة انتهاك واحدة ضد قناة تليفزيونية مصرية، وحالة واحدة بحق مدير تنفيذي. فيما وقع عدد 85 حالة انتهاك ضد عاملين بجهات غير محددة التخصص، وقد غلب على معظمها شكل الانتهاك الجماعي، حيث يصعب رصد التخصصات لعدد كبير من الصحفيين/ والإعلاميين لاختلافها وتنوعها.

استطاعت وحدة الرصد والتوثيق بـ”المؤسسة”، رصد وتوثيق عدد (218) حالة انتهاك على نطاق (12) محافظة داخل جمهورية مصر العربية.

تصدرت محافظة القاهرة أكثر المحافظات التي وقع فيها أكبر عدد من الانتهاكات بواقع (175) حالة بنسبة 80 % من إجمالي الانتهاكات، تلتها محافظة الجيزة بواقع (16) حالة انتهاك، وهو ما يشير إلى مركزية العاصمة المتأصلة والتي تحوى العدد الأكبر من الفاعليات والمناسبات، وفي نفس السياق تضم العدد الأكبر من الصحفيين والإعلاميين في مقابل محافظات الأقاليم.

وفى ذيل الترتيب جاءت محافظات (أسوان والغربية والشرقية) بواقع حالة انتهاك لكل محافظة.

للإطلاع على التقرير بصيغة بي دي إف اضغط هنا

 

المراجع

[1] مراسلون بلا حدود. ” التصنيف العالمي لحرية الصحافة”، التقرير السنوي لعام 2018، متاح على الرابط التالي

https://bit.ly/2JqOb0W تمت الزيارة في 18 ديسمبر 2018.

[2] – مراسلون بلا حدود. “الحصيلة السنوية لأعمال العنف ضد الصحفيين”: “كل المؤشرات تدق ناقوس الخطر”. متاح على الرابط التالي https://bit.ly/2Vi674I تمت الزيارة في 22 ديسمبر 2018.

[3] نفس المرجع السابق.