للاطلاع على الورقة .. اضغط هنا

أتاحت الثورة التكنولوجية وتطور استعمال شبكة الإنترنت زيادة متسارعة في عدد مستخدمين هذه الشبكة، وأصبح بموجبها العالم أصغر من القرية؛ إذ يمكنك أن تعرف ما يجري في أي مكان في العالم وأنت جالس أمام جهازك بضغطة زر واحدة، بل يمكنك أن تتواصل وتبدي أراءك، بل يمكنك أن تؤثر على سير الأحداث أيضًا. ولعل أبرز استخدامات شبكة الانترنت هي مواقع للتواصل الاجتماعي؛ لقد سجل استخدام موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” 2.2 مليار مستخدم نشط شهريًا، وسجل موقع اليوتيوب 1.5 مليار زيارة، موقع إنستجرام سجل 800 مليون مستخدم نشط، وأخيرًا تطبيق واتس آب 700 مليون مستخدم شهريًا في عام 2018. وتعتبر مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة اليوم هي بمثابة وسائل إعلامية من نوع خاص عُرفت بالإعلام الجديد، وتُعامل من حيث المسؤولية الجنائية معاملة وسائل الإعلام الأخرى لاشتراكها في صفة العلانية والانتشار.

وانطلاقًا من الأهمية التي باتت تمثلها تلك المواقع، بالإضافة إلى طبيعة الجرائم التي يتم ارتكابها من خلال هذه المواقع أصدر المشرع المصري في عام 2018 القانون رقم 175 لسنة 2018، والمُسمى “قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات” ونص هذا القانون على العديد من الجرائم التي باتت يعاقب عليها القانون مثل “جرائم الاعتداء على سلامة شبكات وأنظمة وتقنيات المعلومات” ومنها جريمة الدخول غير المشروع، وجريمة الانتفاع بدون وجه حق بخدمات الاتصالات والمعلومات وتقنيتها، وجريمة الاعتداء على الأنظمة المعلوماتية الخاصة بالدولة، وهناك نوع آخر من الجرائم نص عليها المشرع”الجرائم المرتكبة بواسطة أنظمة وتقنيات المعلومات” ومنها جرائم الاحتيال والاعتداء على بطاقات البنوك والخدمات، الجرائم المتعلقة باصطناع المواقع والحسابات الخاصة. كما نص المشرع على طائفة أخرى من الجرائم وهي “الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتي غير المشروع”. كما أعطى هذا القانون لسلطات التحقيق الحق في حجب المواقع سواء إذا كان يتم بثها داخل الدولة أو خارجها إذا كانت تشكل تهديدًا للأمن القومي”. ونفس المشكلة التي تكتنف معظم القوانين؛ إذ تأتي بألفاظ فضفاضة وعبارات مطاطة يمكن تأويلها على أكثر من وجه، فقد أتى هنا بلفظ “الأمن القومي” الذي لا يمكن تحديد معالمه وحدوده، بل وأكثر من ذلك، فقد تم تجاوز القوانين كلها وتم حجب العديد من المواقع بصوة عشوائية.