للاطلاع على التفاصيل اضغط هنــــــــــــــا

تعد حرية الرأي والتعبير من الركائز الأساسية لحقوق الإنسان، فالفرد له كامل الحرية في إبداء رأيه والتعبير عن مواقفه وقناعاته الفكرية والسياسية ضمن حدود متفق عليها دون تقييد. كما تعد حرية الصحافة جزءًا لا يتجزأ من حرية الرأي والتعبير. وقد أولت الأمم المتحدة منذ نشأتها اهتمامًا كبيرًا بحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة من خلال ميثاقها المنشئ مرورًا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهود الدولية، وصولًا إلى المواثيق الدولية والإقليمية. وتضمن حرية الصحافة الحق في الحصول على المعلومات من أي مصدر ونقلها وتبادلها، والحق في نشر الآراء والأفكار وتبادلها دون قيود، والحق في إصدار الصحف، وعدم فرض رقابة مسبقة على ما تقدمه وسائل الإعلام إلا في أضيق الحدود وبالتوافق مع ما يقره الدستور والقانون. كما أن وجود صحافة حرة ومستقلة أحد أهم ركائز النظام الديمقراطي وشرط أساسي من شروط تحققه واستمراره. كما أن هذه الحرية المقررة للصحافة يجب أن تحقق التوازن بين مصلحة وحق المواطنين في التعبير عن آرائهم بحرية وبين مصلحة الأمن القومي والحريات الخاصة للأشخاص.

وتجدر الإشارة إلى أن الدستور المصري الصادر في 2014 قد أكد بشكل واضح وصريح علي حرية الصحافة وأنها مصونة، وأنه لا يجوز فرض رقابة علي الصحف أو وسائل الإعلام أو وقفها أو إغلاقها إلا باستثناءات محددة، كما نص الدستور علي أنه لا يجوز توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية وهي نصوص تتوافق مع ما تنص عليه المواثيق الدولية وتوفر ضمانات للمؤسسات الصحفية والصحفيين. وعلي الرغم مما تضمنه الدستور وفسرته القوانين المنظمة للعمل الصحفي والإعلامي إلا أن عام 2020 شهد العديد من الانتهاكات ضد الصحفيين جعلت مصر في المركز 166 من 180 دولة وفقا لمؤشر حرية الصحافة الصادر عن منظمة “مراسلون بلا حدود” متراجعة ثلاث مراكز عن العام الماضي؛ إذ كانت في المركز 163 لتظل مصر في المساحة السوداء. وتتمثل هذه الانتهاكات في إتباع سياسة ممنهجة تستهدف بالأساس التضييق على الصحفيين عبر توالي حملات الاعتقالات على نحو مستمر؛ حيث يتصدر الحبس التعسفي قائمة الانتهاكات التي تطال الصحفيين، وتوجه لهم عدد من الاتهامات الفضفاضة، أبرزها نشر أخبار كاذبة، وهو الأمر الذي إن صح، فإنه يخالف صراحة المبدأ الذي تنص عليه المادة 71 من الدستور المصري، والتي تؤكد على عدم توقيع عقوبات سالبة للحرية في “الجرائم التي ترتكب بطريق النشر والعلانية”. كما توجه إليهم تهم تتعلق بالانضمام لجماعة إرهابية أو مشاركتها في تحقيق أهدافها دون وجود أدلة حقيقية على ذلك، ودون توضيح ماهية تلك الجماعة، وكذلك التوسع في إصدار قرارات الحبس الاحتياطي إمعانًا في التنكيل بالصحفيين وترهيب الآخرين ممن لم يطولهم القبض، عدم توفير الضمانات الكافية لمحاكمة الصحفيين في إطار مبدأ المحاكمة العادلة.

بالإضافة إلى إصدار عدد من القوانين والتشريعات والتي هدفت بالأساس إلي إحكام السيطرة علي المجال الصحفي والإعلامي وتأميمه بشكل كامل مثل قانون الإرهاب رقم 94 لسنة 2015؛ حيث تم إدراج عدد من المؤسسات الصحفية باعتبارها كيانات إرهابية وفقًا لهذا القانون، فضلًا عن ذلك التوسع من قبل السلطات في حجب عدد كبير من المواقع وصلت إلي ما يزيد على 600 موقع بزعم نشرهم أخبار كاذبة. وكذلك أيضًا تدوير عدد من الصحفيين على ذمة قضايا جديدة بعد إخلاء سبيلهم لضمان استمرار الاحتجاز بغطاء قانوني ظاهريًّا. كما تلجأ السلطات الأمنية إلى التدوير بالتواطؤ مع نيابة أمن الدولة لتحويل الحبس الاحتياطي إلى أداة تنكيل بالمواطنين على خلفية معارضتهم سياسات الحكومة في مجالات شتى، مثل:سلافة مجدي، ومعتز ودنان، ومصطفي الأعصر. ولم تتوقف الانتهاكات عند حد الجهات الرسمية فقط، بل شهد عام 2020 انتهاكات ضد الصحفيين من قبل المؤسسات الصحفية تتمثل في قيام عدد من المؤسسات بفصل العاملين بشكل تعسفي دون إتباع القواعد القانونية المنظمة لذلك، بالإضافة إلى الممارسات التي تتم من قبل المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام والتي تتماشى مع الروايات الرسمية للنظام.

وفي عام 2020 كان لجائحة فيروس كورونا “كوفيد -19 “ تداعيات كبيرة علي الشأن المصري بشكل عام والشأن الصحفي بشكل خاص، فعلى الرغم من المناشدات الدولية بضرورة الإفراج عن المحبوسين احتياطيًا الذين لم يصدر ضدهم أحكام ؛خوفًا من أن تتحول السجون لبؤر انتشار للفيروس، ضربت السلطات المصرية بهذا الكلام عرض الحائط، وبدلًا من أن تقوم بالإفراج عنهم اعتمدت السلطات تجديد حبس الصحفيين علي الورق دون حضور المتهمين أو دفاعهم، وفي اختصار مُخلٍّ لعمليات النظر في أمر تجديد الحبس الاحتياطي فيما عرف “بالتعذرات الأمنية” والذي لا أساس له في الدستور أو حتي قانون الإجراءات الجنائية. بالإضافة إلى استمرار عمليات القبض على الصحفيين مثل:مصطفي صقر، أحمد علام، إسلام الكلحي، عامر عبد المنعم وآخرين.