زوجة “ودنان”: زيارة أهلية واحدة خلال 452 يوم حبس (بروفايل)

مشاعر مختلطة بين الحزن واﻷلم وفقد اﻷحبة على مائدة اﻹفطار في رمضان، تنتاب أسرة كل صحفي يقبع خلف أسوار السجن، بتهم وُجهت له على خلفية عمله كصحفي أو كإعلامي في مهنة عرفت باسم البحث عن المتاعب.

هالة عبدالعال، زوجة المعتز ودنان، الصحفي بموقع هاف بوست عربي، قالت في حديثها لمؤسسة المرصد المصري للصحافة واﻹعلام، إنهم لم يستطيعوا زيارة زوجها سوى مرة واحدة خلال مدة حبسه452 يوم، وعلى الرغم من حصولهم على حكم من محكمة القضاء اﻹداري بالزيارة إلا أنهم لم يستطيعوا زيارته يوم الخميس الموافق 2 مايو الجاري، فضلًا عن عدم رؤيته خلال أربع جلسات مضت مدة كل واحدة 45 يومًا.

وتابعت: “لا نستطيع إرسال أي احتياجات له وﻻ نعرف عنه أي شيء وﻻ حتى تصلنا منه أي رسائل”.

شغف مهنة

على الرغم من تخرجه في كلية الآداب، قسم اللغات الشرقية عبري عام 2003، إلا أن شغفه بالعمل الصحفي، جعله يمضي في طريق مهنة لها مخاطر جمَّة، إنه المعتز محمد شمس الدين عبدالحليم ودنان، الشهير بـمعتز ودنان، أحد أبناء صعيد مصر بمحافظة سوهاج، لكنه من مواليد محافظة الجيزة بتاريخ يوافق 20 نوفمبر 1980، وهو الثاني بين إخوته في الترتيب، وفي نوفمبر الماضي أكمل عامه الـ 38.

انخرط ودنانفي عمله الصحفي منذ عام 2005، إذ كانت بدايته في جريدة الدستور الأسبوعية بقسم التحقيقات، وعمل في موقع البديل الإلكتروني في الفترة من 2010-2011، وكذلك بجريدة البوابة نيوز، وشبكة بلدنا اليومالإخبارية، رئيسًا للقسم السياسي، وكان موقع هاف بوست عربيآخر ما عمل به قبل إلقاء القبض عليه، بالتوازي مع موقع أهل مصر، رئيسًا للقسم السياسي.

تزوج عام 2005 ولديه من الأبناء أربعة؛ ولدين وبنتين، يكبرهم إياد البالغ من العمر 11 سنة، ويصغرهم رهف، إذ تبلغ من العمر سنة وشهرين، ويتوسطهم ريتاج ثمان سنوات، وآدم خمس سنوات.

أربعة من الأبناء كبيرهم في العمر مازال طفلًا صغيرًا، يحتاج لرعاية خاصة، وآدم الصغير الذي يتوسط إخوته، يعاني أزمةً نفسيةً منذ القبض على أبيه، فلا يتكلم، وبحكم طفولتهم يتسآءلون كل ساعة عن والدهم الذي دخل السجن، فيقولون: “بابا صحفي، السجن بيدخله الحراميه، ليه مش بنشوفه، ليه حرمونا منه؟” –حسب والدتهم-.

وتحكي زوجته هالة عبدالعال، في حديثها لمؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام، بدموع ذارفة، وصوت يختنق بالبكاء عن زوجها الصحفي، الذي اختار مهنة البحث عن المتاعب، إذ لم تكن تهمته في السجن سوى أنه أجرى حوارًا صحفيًا مصورًا، لصالح موقع هاف بوست عربي، مع الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، في 11 فبراير 2018، نشر خلالها إدعاءات على لسان جنينةخاصة بالمؤسسة العسكرية.

وتوضح عبدالعالخلال حديثها، عن قلقه بعد نشره ذلك الحوار الصحفي، إذ أكد لها أن هناك سيارة تمشي خلفه وتراقبه، وابتعد عن بيته لمدة ثلاثة أيام، ووافق يوم الجمعة 16 فبراير 2018، إلقاء القبض عليه إذ جاء إلى البيت لزيارة زوجته وأولاده، ثم انتقل إلى الطريق الدائري برفقة ثلاثة من أقاربه، لنقل بعض المتعلقات الشخصية، إلا أنه فُوجيء بثلاث سيارات، يرتدي ركابها زيًا مدنيًا، فقاموا بأخذهم جميعًا، إلا أن مسؤولي الأمن في البداية لم يتعرفوا عليه، ظانِّين أحد أقاربه أنه الشخص المطلوب، لكنه أفصح عن نفسه أنه معتز.

وتنفيذًا للتعليمات جلس كل واحد منهم في سيارة بمفرده، وتم اقتيادهم مَعصوبي الأعين ومُكبلي الأيدي، وبينما احتجزت قوات الأمن ودنانخرج أقاربه فجر اليوم التالي، على نفس هيئة القبض عليهم، وعلمت أسرته بخبر اعتقاله من خلال ركاب سيارة شاهدوا الواقعة، في طريق سفرهم لمحافظة سوهاج.

أما المعتز ودنان، فلم يظهر إلا بعدها بخمسة أيام والذي وافق يوم الأربعاء 21 فبراير 2018، في نيابة التجمع الخامس، بمحكمة القاهرة الجديدة، حيث جرت أولى جلسات التحقيق معه، ولم تكن الاتهامات التي وجهتها له النيابة سوى نشر أخبار كاذبة، وانضمامه لجماعة أُسست على خلاف أحكام الدستور والقانون، على ذمة القضية رقم 441 لسنة 2018 حصر التحقيقات.

إضراب عن الطعام

وتابعت هالة عبدالعال، أن زوجها دخل في حالة إضراب عن الطعام رغبةً في السماح له بالزيارات، إذ بدأه قبل عيد الفطر بما يوافق 14 يونيو 2018، مستمرًا فيه حتى بعد عيد الأضحى، حوالي 56 يومًا، لافتة أنه علق الإضراب في وعد من رئيس السجن ليسمحوا له بزيارة أهلية، إلا أنهم لم يسمحوا له إلا بنصف ساعة تريض فقط المشي في الشمس“.

وتقول زوجته في حديثها لمؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام، إنها رأته في معهد طرة، من خلف الزجاج، وكان كالهيكل العظمي، إلا أن حالته بدأت تتحسن قليلًا بعد تعليق الإضراب.

رسائل شفوية

ومن محبسه في سجن العقرب منذ اعتقاله في فبراير 2018، أرسل “ودنان” رسالة شفوية في أكتوبر 2018 عبرت عن مدى أسفه لما آل إليه حاله في محبسه، إذ يوضح أنه يعاني الموت، وعدم قدرته على التواصل الجيد مع أسرته من خلال الزيارات، الأمر الذي يمنعه من معرفه أخبارهم وأحوالهم بشكل جيد وكذلك زوجته وأولاده.

وفي الوقت ذاته، طالب ودنانأصدقائه الصحفيين بالتواصل مع رؤساء تحرير الصحف، والقيام بحملة لخروجه من محبسه، بمناسبة عيد ميلاده الـ38 في نوفمبر2018.

ممنوع الزيارة

والغريب في الأمر، والذي تحكيه زوجته أن غالبية المُقيدين على ذمة هذه القضية في مجمع سجون طرة بسجن المزرعة مسموح لهم بالزيارة، في حين أن زوجها منذ إلقاء القبض عليه رهن الحبس الانفرادي المشدد في سجن العقرب “2” أو ما يُطلق عليه شديد الحراسة “2”.

وتشكي ويشكي زوجها منع الزيارات عنه، إذ لم ترَ رفيق دربها سوى ثلاث مرات في نيابة التجمع، أثناء العرض أمام النيابة، وفي هذا العرض غير مسموح إلا لزوجته ووالدته برؤيته، وبالكاد رأى أحد أبنائه ذات مرة، وفي الثانية رأى ثلاثة منهم بعد استعطاف شديد للأمن، فضلًا عن عدم استطاعهم رؤيته في أول ثلاثة شهور، ورغم استخراجها لتصاريح الزيارة، إلا أنها وأولاده لم يروه مرة داخل السجن، ولهم ثلاثة أشهر لا يستطيعون مجرد لمحه حتى في عرض النيابة، وكانت الزيارة الوحيدة التي سمحت بها إدارة السجن، للمحامي عمرو محمد، بمفرده، محامي الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فقال له ودنان: ” أنا بخير، ثم أغُمى عليه، وتمت إفاقته، وانتهت الزيارة“.

أول زيارة أهلية

وبعد هذا المنع من الزيارات كانت أول زيارة أهليه لمعتز ودنان في 13 نوفمبر 2018، حيث قالت زوجة ودنانفي حديثها لمؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلامإن محامي زوجها تقدم بتصريح زيارة لنيابة أمن الدولة العليا بتاريخ 12 أكتوبر 2018، وقد صدر التصريح بتاريخ 10 نوفمبر 2018، بزيارة زوجته ووالدته وأخته له يوم الثلاثاء الموافق 13 نوفمبر 2018، بسجن العقرب.

وخلال حديثها أوضحت أنهم ظلوا متواجدين بمقر الزيارة من الساعة التاسعة والنصف صباحًا حتى الواحدة ظهرًا، إلى أن فقدوا الأمل في الدخول حيث انتهت الزيارات العادية للسجناء الآخرين، إلا أن إدارة السجن سمحت لهم بالدخول وذلك في أول زيارة أهلية منذ إلقاء القبض عليه في 16 فبراير 2018، وظلوا جالسين معه لمدة ثلث ساعة، وخلال الزيارة طالب ودنانبعمل استئناف على أمر حبسه على أمل أن يخرج.

 

الزيارة الثانية.. لا يوجد

قالت ندى شمس الدين، شقيقة صحفي موقع هاف بوست عربي، عبر صفحة الحرية لمعتز ودنان، على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، إن إدارة السجن رفضت زيارة أهلية الصحفي معتز ودنان يوم الأربعاء، الموافق ٢٦ ديسمبر ٢٠١٨ ومنعت أسرته من الدخول بالرغم من استلام تصريح الزيارة الملحق وتسليمه لإدارة السجن، موضحة أنهم لم يتمكنوا من الزيارة وكذلك لم يقوموا بتحرير محضر بالواقعة لعدم حصولهم على التصريح الذي سلموه لإدارة السجن.

وأضافت أن إدارة السجن تعنتت ورفضت إخراج الشخص المسؤول عن الأمانات بحجة أنه خرج مرة ومش هنخرجه كل شوية، بالرغم من عدم انتهاء ساعات العمل الرسمية للموظف، لافتةً أنهم رفضوا إدخال بعض الملابس وأدوية البرد الموسمي.

وتُحمل شقيقة ودنانإدارة سجن طرة شديد الحراسة ٢ الشهير بالعقرب رسميًا، هذا التعنت ورفض الزيارة، خاصة بعد إصدار تصريح من نيابة أمن الدولة، متابعة أنه وصلت بعض الأخبار عن تسجيل الزيارة في كشوف الزيارات وذلك كإجراء روتيني لتجنب تساؤل الحقوقيين.

ثالث مرة.. مفيش زيارة

وقالت هالة عبدالعال، زوجة الصحفي معتز ودنان، في حديثها لـالمرصدإنهم ذهبوا بتصريح نيابة لزيارة زوجها في أول يوم دراسي بتاريخ 10 فبراير 2019، لكن لم يتم السماح لهم بالزيارة.

تقديم بلاغ

وأوضحت زوجة صحفي موقع هاف بوست عربيأنه عند إلقاء القبض على زوجها وعدم تمكنهم من رؤيته، قامت بتقديم بلاغ بتاريخ 21 مارس 2018 لنقل ودنانمن سجن العقرب شديد الحراسة 2 إلى سجن آخر يسمح بالزيارة، وكذلك تقديم بلاغ يسمح لهم بزيارته.

وأوضحت أن الحكم في القضية ظل قيد التأجيل حتى تم استيفاء جميع المستندات، مؤكدة أن مجلس الدولة حكم لهم بأحقيتهم في الزيارة وصدر الحكم بتاريخ 26 يناير 2019 وحتى تاريخه لم يتم تنفيذ الحكم إذ ذهبوا للزيارة يوم 2 مايو الجاري ولم يستطيعوا رؤيته.

مرض بلا دواء

وتقول عبدالعالإن زوجها معتز ودنان لم يكن يعاني أمراضًا، إلا أنه في شهر رمضان الماضي لعام 2018، اشتكى بعرجِ في ساقه ومن مرض الروماتيزم، وفي محاولة لها بإرسال الدواء، رفضت إدارة السجن في ذلك الوقت، بزعم أن هناك أدوية محددة مسموح بها؛ كأدوية القلب، والسكر، والضغط المزمن في بدايته، مضيفة أن إدارة السجن لا تسمح بدخول كل شيء، في حين أنها تسمح بإيداع أموال للسجين كي يتسنى له شراء ما يريد من محبسه.

تجديدx تجديد

كان ودنان قد تحدث في حواره مع المستشار هشام جنينة، والذي على خلفيته تم إلقاء القبض عليه واتهامه بنشر أخبار كاذبة من قِبل النيابةعن معلومات تتعلق ببعض الأمور الخاصة بالفريق سامي عنان، وحيازته لمستندات تتعلق ببعض الأحداث منذ ثورة 25 من يناير، وحتى الآن.

وجرت أولى جلسات التحقيق مع ودنان، يوم الأربعاء، الموافق 21 فبراير 2018، ثم قررت نيابة أمن الدولة العليا في هذا اليوم، حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات، ومنذ القبض عليه، جددت له نيابة أمن الدولة العليا، 10 تجديدات لمدة 15 يومًا، ليتم التجديد له 8 مرات لمدة 45 يومًا حتى تاريخه. حيث جرت أولى جلسات التجديد لـودنانلمدة 45 يومًا بتاريخ 17 يوليو 2018، أمام دائرة الجنايات، وفي هذه الجلسة أثبت فريق الدفاع عن الصحفي، إضرابه عن الطعام بمحضر الجلسة وكذلك تعرضه للاعتداء داخل محبسه.