ملخص

لقد بدا واضحًا خلال السنوات الأخيرة ازدياد حالات الفصل التعسفي لعدد كبير من العاملين في الصحف والوسائل الإعلامية المختلفة، وتنوعت الأسباب التي تختلقها المؤسسات لفصل العاملين بها مثل الأسباب الاقتصادية والأزمات المالية وحالات التصفية، كما برز أيضًا الاتهام في قضايا سياسية أو التعبير عن الأراء الشخصية بحرية كأسباب رئيسة للفصل التعسفي لبعض الصحفيين/ الإعلاميين.

ومن ثمَّ تهدف هذه الورقة إلى التعريف بالفصل التعسفي، والشروط الواردة في القانون لإنهاء علاقة العمل حتى لا يعد ذلك فصلًا تعسفيًا. كما تهدف إلى توضيح الإجراءات القانونية والتدابير الواجب اتخاذها من قبل الصحفيين/ الإعلاميين لضمان حقوقهم والوعي بها حال تعرضهم للفصل التعسفي من قِبل المؤسسات العاملين بها. ثم توضح الورقة موقف القضاء من القضايا العمالية بصورة عامة وقضايا الفصل التعسفي بصورة خاصة، ثم تتناول الورقة البحثية أسباب وحالات الفصل التعسفي من قِبل المؤسسات الصحفية، وأخيرًا، توضح  الإطار القانوني لأحقية الصحفيين/ الإعلاميين (المقيدين بجداول نقابة الصحفيين) في صرف بدل التكنولوجيا والتدريب حال تعرضهم للفصل التعسفي.

وقد توصلت الورقة إلى عدد من التوصيات تكمن أهمها في؛ تفعيل دور نقابة الصحفيين لحماية الصحفيين من الفصل التعسفي وفقًا لما ورد بقانون نقابة الصحفيين. ويجب على المشرع -في حالة ثبوت الفصل التعسفي للعامل، وما زالت المؤسسة في حالة العمل- تعديل مواد القانون بما يجيز لسلطة القضاء إلغاء قرار إنهاء خدمة العامل تعسفيًا وإعادته لعمله مرة أخرى. وضرورة التزام مؤسسات الدولة ونقابة الصحفيين باحترام أحكام القضاء والتزامهم بصرف بدل التكنولوجيا والتدريب للصحفي حال تعرضه للفصل.

الفهرس

  • مقدمة
  • أولًا: تعريف الفصل التعسفي.
  • ثانيًا: الشروط الواردة في القانون لإنهاء علاقة العمل.
  • ثالثًا: الإجراءات القانونية الواجب اتخاذها من قِبل الصحفي حال تعرضه للفصل التعسفي.
  • رابعًا: موقف القضاء من القضايا العمالية.
  • خامسًا: أسباب وحالات الفصل من قِبل المؤسسات الصحفية.
  • سادسًا: الصحفيون المفصولون وأزمة البدل.
  • سابعًا: الخاتمة والتوصيات.

  • مقدمة

لقد بدا واضحًا خلال السنوات الأخيرة إصرار الحكومات المصرية المتعاقبة على التضييق على حرية الرأي والتعبير وتداول المعلومات، ولقد سلكت الحكومات عددًا من الطرق المختلفة بهدف فرض حصار إعلامي ورقابة محكمة على المؤسسات الصحفية والإعلامية؛ فلقد عمدت السلطات إلى إخفاء المعلومات عن الجمهور وفرض حالة تعتيم إعلامي تخدم حكومات الصوت الواحد، كما قامت السلطات بإصدار ترسانة من التشريعات والقوانين خلال السنوات السابقة هدفت إلى خنق الحريات الإعلامية، ومهدت إلى تغلغل أيادي السلطة التنفيذية داخل المؤسسات الحاكمة للصحافة والإعلام في مصر، بالتوازي مع هجمة أمنية ممنهجة تقوم بها قوات الأمن ضد الصحفيين وضد المؤسسات الصحفية، وانتشار حالات القبض العشوائي والاحتجاز غير القانوني لعدد من الصحفيين خلال السنوات الأخيرة.

وقد لوحظ في السنوات الأخيرة تزايد حالات الفصل التعسفي لعدد كبير من العاملين في الصحف والوسائل الإعلامية المختلفة في ظل تغييرات جذرية تحدث في خريطة مالكي وسائل الإعلام وسط إشارات إلى تورط أجهزة الدولة في تلك التغييرات، ولوحظ أيضًا أن فصل الصحفيين في الكثير من الحالات يرتبط بتحقيق مصالح المؤسسة بما يتعارض مع القانون والدستور، وتنوعت الأسباب التي تختلقها المؤسسات لفصل العاملين بها؛ كالأسباب الاقتصادية والأزمات المالية وحالات التصفية التي تمر بها المؤسسات مما يضطرها إلى الاستغناء عن عدد من الصحفيين/ والإعلاميين العاملين بها، بالإضافة إلى ذلك فقد برز في الآونة الأخيرة فصل الصحفيين/ الإعلاميين تعسفيًا بسبب أرائهم وتوجهاتهم السياسية في ظل حالة الاستقطاب وعدم الاستقرار السياسي التي تمر بها البلاد؛ وذلك ما حدث مع الصحفيين بجريدة اليوم السابع، وقامت بعض الشركات المالكة للجرائد بفصل الصحفيين بذريعة تصفية الشركة لسوء الأحوال الاقتصادية؛ وهو ما حدث مع الصحفيين بجريدة العالم اليوم، حيث تم الفصل التعسفي لما يقرب من 40 صحفيًا. وهو ما تفنده هذه الورقة في الصفحات القادمة.

وجدير بالذكر أن الفصل التعسفي ما هو إلا حلقة من حلقات استغلال الصحفيين والتنكيل بهم، وهو نهاية غير مقبولة لطريق عمل ممتلئ بالعقبات والمشكلات يواجه فيها الصحفي الأجهزة الأمنية والتشريعات والقوانين، وكذلك المؤسسات التي يعمل بها، هذا بالإضافة إلى معاناة الصحفي في المطالبة بالحصول على حقوقه وإطالة إجراءات التقاضي وما تلجأ إليه بعض المؤسسات الصحفية من مساومات مع الصحفيين للتنازل عن حقوقهم وعدم المطالبة بها، وهو الأمر الذي يعتبر ممارسة غير قانونية وتؤدي إلى تقويض ظروف عمل الصحفيين في مصر، بالتوازي مع دور نقابة الصحفيين المتخاذل في الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحفيين.

وفي إطار اهتمام مؤسسة “المرصد المصري للصحافة والإعلام” بملف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصحفيين والإعلاميين، والمتعلقة بالعمل، والضمان الاجتماعي، والصحة، والتعليم، والغذاء، والمياه، والسكن، والبيئة الصحية، والثقافة، تصدر “المؤسسة” هذه الورقة التي تهدف إلى التعريف بمشكلة الفصل التعسفي التي يعاني منها قطاع كبير من الصحفيين والإعلاميين، وتوضيح حقوق والتزامات صاحب المؤسسة الصحفية ووجوب توفير الحماية القانونية للصحفي، كذلك توضح الورقة الإجراءات القانونية الواجب اتخاذها من قبل الصحفي حال تعرضه للفصل، وبيان الحالات التي أجازها القانون لصاحب العمل في إنهاء علاقة العمل، وأخيرًا، تبين الورقة الأسباب الأساسية التي تقع بسببها أغلب حالات الفصل في المؤسسات الصحفية.

وتأتي أهمية هذه الورقة في كونها تلقي الضوء على الإجراءات القانونية والتدابير الواجب اتخاذها من قِبل الصحفيين/ الإعلاميين لضمان حقوقهم والوعي بها حال تعرضهم للفصل التعسفي من قِبل المؤسسات العاملين بها، كما توضح أيضًا الإطار القانوني لأحقية الصحفيين/ الإعلاميين (المقيدين بجداول نقابة الصحفيين) في صرف بدل التكنولوجيا والتدريب حال تعرضهم للفصل التعسفي.

  • أولًا: تعريف الفصل التعسفي

لم يتطرق المشرع لتعريف المقصود بالفصل التعسفي بنص صريح، ولكن من المستقر عليه فقهًا وقضاءً أن الفصل التعسفي هو: مخالفة القانون من قِبل صاحب العمل وإصداره لقرار الفصل بشكل منفرد قبل انتهاء مدة العقد المحدد أو إنهاء العقد غير محدد المدة دون سابق إنذار للعامل مبينًا الأسباب التى أُصدر على أساسها قرار الفصل، ولذا يكون الفصل في هذه الحالة فصلًا تعسفيًا طالما أن قرار الفصل كان يهدف لتحقيق مصلحة غير مشروعة لصاحب العمل أو أنه كان يقصد بإصدار القرار الإضرار بالطرف الآخر أو كان يهدف لتحقيق مصلحة لا تتناسب مع ما سيصيب العامل من ضرر. كذلك يُعرف الفصل التعسفي بأنه ” كل تصرف من قِبل صاحب العمل أو العامل بقصد إنهاء علاقة العمل بدون أي مبرر قانوني ويهدف إلى الإضرار بالعامل أو بصاحب العمل على الرغم من أن الأهمية العملية للفصل لإنهاء علاقة العمل تعسفيًا تبرز بالأخص في مجال إنهاء عقد العمل من قِبل صاحب العمل[1].

  • ثانيًا: الشروط الواردة في القانون لإنهاء علاقة العمل

لقد أعطى المشرع في قانون العمل رقم  12 لسنة 2003 لصاحب العمل الحق في إنهاء أو فسخ عقد العمل غير محدد المدة، وذلك دون التوقف على رضاء الطرف الآخر “العامل”، إلا أنه ربط استعمال هذا الحق بشرطين الأول شكلي، والثاني موضوعي، وهما[2]:

  • الشرط الشكلي: الإخطار؛ فقد أجاز القانون رقم 12 لسنة 2003 قانون العمل إنهاء عقد العمل لكل من طرفي العقد بشرط أن يخطر الطرف الثاني كتابة قبل الإنهاء، إلا أن القانون اشترط على صاحب العمل إنهاء علاقة العمل وفقًا لحدود معينة؛ حيث نصت المادة (110) من قانون العمل على أنه “مع عدم الإخلال بحكم المادة (198) من هذا القانون ومع مراعاة أحكام المواد التالية، إذا كان عقد العمل غير محدد المدة، جاز لكل من طرفيه إنهاؤه بشرط أن يخطر الطرف الآخر كتابة قبل الإنهاء. ولا يجوز لصاحب العمل أن يُنهي هذا العقد إلا في حدود ما ورد بالمادة (69) من هذا القانون أو ثبوت عدم كفاءة العامل طبقًا لما تنص عليه اللوائح المعتمدة. كما يجب أن يستند العامل في الإنهاء إلى مبرر مشروع وكاف يتعلق بظروفه الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية. ويراعى في جميع الأحوال أن يتم الإنهاء في وقت مناسب لظروف العمل”.

كما اشترط القانون أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بثلاثة أشهر أو شهرين على الأقل وذلك وفقًا لنص المادة (111) من القانون. التي تنص على أنه “يجب أن يتم الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة الخدمة المتصلة للعامل لدى صاحب العمل عشر سنوات، وقبل الإنهاء بثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات”.

أما المادة (112) فقد نصت على أنه “لا يجوز تعليق الإخطار بالإنهاء على شرط واقف أو فاسخ. ويبدأ سريان مهلة الإخطار من تاريخ تسلمه، وتحتسب مدة خدمة العامل من تاريخ تسلمه العمل وحتى تاريخ انتهاء مهلة الإخطار. وإذا حصل العامل على إجازة مرضية خلال مهلة الإخطار يوقف سريان هذه المهلة ولا يبدأ سريانها من جديد إلا من اليوم التالي لانتهاء تلك الإجازة”.

ومن خلال نصوص المواد سالفة الذكر يمكن القول بأن الإخطار بالإنهاء هو إعلان يوجهه أحد المتعاقدين فى عقد العمل إلى المتعاقد الآخر متضمنًا رغبته في الإنهاء؛ فهو تصرف قانوني يصدر من جانب واحد هو الجانب الراغب في الإنهاء أو من ينوب عنه قانونًا، ويجب أن يدل دلالة قاطعة على رغبته في الإنهاء، ولا ينتج هذا الإخطار أثره – شأنه في ذلك شأن أي تعبير عن الإرادة إلا من الوقت الذي يتصل فيه بعلم الموجه إليه، ولا يشترط فيه شكل خاص؛ فقد يكون صريحًا وقد يكون ضمنيًا، ولا تشترط الكتابة باعتبارها ركنًا جوهريًا في الإخطار، ولكنها لازمة للإثبات فقط، ويجب أن يكون الإخطار قبل الإنهاء بشهرين إذا لم تتجاوز مدة الخدمة المتصلة للعامل لدى صاحب العمل عشر سنوات، وقبل الإنهاء بثلاثة أشهر إذا زادت هذه المدة على عشر سنوات.

  • الشرط الموضوعي: مشروعية الإنهاء؛ بالإطلاع على نص المادة (69) من قانون العمل نجد أنها قد أوردت الحالات التي يجوز فيها لصاحب العمل فصل العامل وهي واردة بالقانون حصرًا وليس على سبيل المثال؛ مما يؤكد ويجزم بتقييد حرية صاحب العمل بشأن هذه الحالات وإحاطتها بضمانات قوية خشية إساءة استخدامها من قبل صاحب العمل، وبالتالي في غير تلك الحالات لا يجوز لصاحب العمل أن يقوم بفصل العامل على الإطلاق، وإلا يعتبر ذلك الفصل فصلًا تعسفيًا[3]. وتنص المادة (69) على أنه “لا يجوز فصل العامل إلا إذا ارتكب خطأ جسيمًا، ويعتبر من قبيل الخطأ الجسيم الحالات الآتية:

1- إذا ثبت انتحال العامل لشخصية غير صحيحة أو قدم مستندات مزورة.

2- إذا ثبت ارتكاب العامل لخطأ نشأت عنه أضرار جسيمة لصاحب العمل بشرط أن يبلغ صاحب العمل الجهات المختصة بالحادث خلال أربع وعشرين ساعة من وقت علمه بوقوعه.

3- إذا تكرر من العامل عدم مراعاة التعليمات اللازم اتباعها لسلامة العمال والمنشأة –بشرط أن تكون هذه التعليمات مكتوبة ومعلنة في مكان ظاهر –رغم التنبيه عليه كتابة بمراعاة ذلك.

4- إذا تغيب العامل بدون مبرر مشروع أكثر من عشرين يومًا متقطعة خلال السنة الواحدة أو أكثر من عشرة أيام متتالية، على أن يسبق الفصل إنذار كتابي بخطاب موصى عليه بعلم الوصول من صاحب العمل للعامل بعد غيابه عشرة أيام في الحالة الأولى، وبعد غيابه خمسة أيام في الحالة الثانية.

5- إذا ثبت أن العامل أفشى أسرار المنشأة التي يعمل بها أدت إلى إحداث أضرار جسيمة بالمنشأة.

6- إذا قام العامل بمنافسة صاحب العمل في ذات نشاطه.

7- إذا وُجِد العامل أثناء ساعات العمل في حالات سكر بين أو متأثرًا بما تعاطاه من مادة مخدرة.

8- إذا ثبت اعتداء العامل على صاحب العمل أو المدير العام وكذلك إذا وقع منه اعتداء جسيم على أحد رؤسائه أثناء العمل أو بسببه.

9- إذا لم يراع العامل الضوابط الواردة في المواد من (192) إلى (194) من الكتاب الرابع من هذا القانون.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن قانون تنظيم الصحافة والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 180 لسنة 2018 اشترط ضمانة إضافية للصحفيين وفقًا لنص المادة 16 من القانون التي نصت على أنه “لا يجوز فصل الصحفي من عمله إلا بعد التحقيق معه وإخطار النقابة المعنية بمبررات الفصل وانقضاء ثلاثين يومًا من تاريخ هذا الإخطار، تقوم خلالها النقابة بالتوفيق بينه وبين جهة عمله، فإذا استنفذت النقابة مرحلة التوفيق دون نجاح، تطبق الأحكام الواردة في قانون العمل بشأن فصل العامل، ولا يجوز وقف راتبه أو ملحقاته خلال مدة التوفيق”.

ووفقًا لما سلف ذكره فإنه يجب إسناد الإنهاء إلى مبرر مشروع، وهذا الشرط قد نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 110 التي جرى نصها على أنه: ولا يجوز لصاحب العمل أن ينهي هذا العقد إلا في حدود ما ورد بالمادة (69) من هذا القانون أو ثبوت عدم كفاءة العامل طبقًا لما تنص عليه اللوائح المعتمدة. كما يجب أن يستند العامل في الإنهاء إلى مبرر مشروع وكاف يتعلق بظروفه الصحية أو الاجتماعية أو الاقتصادية. وحيث إن قضاء النقض قد أستقر أيضًا على أن العبرة في سلامة قرار فصل العامل وما إذا كان صاحب العمل متعسفًا فيه من عدمه بالظروف والملابسات التي تحيط به وقت صدوره.

كما أنه على الطرف الذي ينهي العقد أن يفصح عن الأسباب التي أدت به إلى هذا الإنهاء فإذا لم يذكرها قامت قرينة كافية لصالح الطرف الآخر على أن إنهاء العقد وقع بلا مبرر ومن ثمَّ فإذا ذكر صاحب العمل سبب فصل العامل فليس عليه إثبات صحة هذا السبب وإنما يكون على العامل عب إثبات عدم صحته وأن الفصل لم يكن له ما يبرره، فإذا أثبت العامل عدم صحة المبرر الذي يستند إليه صاحب العمل في فصله كان هذا دليلًا كافيًا على التعسف لأنه يرجح ما يدعيه العامل من أن فصله كان بغير مبرر، أما إذا لم يذكر صاحب العمل سبب فصله للعامل كان ذلك قرينة لصالح الأخير على أن إنهاء العقد تم بلا مبرر.

وحيث إنه لا بد من توافر الضرر للدائن حتى تترتب مسئولية المدين في الالتزام وعلى الدائن إثبات هذا الضرر، والضرر الذي يعوض في المسئولية التقصيرية هو الضرر المحقق الوقوع سواء كان حالًا أو مستقبلًا، ويجب توافر علاقة السببية بين الخطأ والضرر الذي حدث ويفترض علاقة السببية فلا يكلف الدائن بإثباتها، وعلى المدين أن يثبت انقطاع علاقة السببية بإثباته أن خطأه يرجع لسبب أجنبي أو يرجع لخطأ الدائن أو يرجع لفعل الغير أو إلى قوة قاهرة، وإذا استحال على المدين أن ينفذ الالتزام عينًا، حكم عليه بالتعويض لعدم الوفاء بالتزامه – م 215 مدني. وإذ كان الثابت أن التعويض المطالب به تنطبق عليه المسئولية التقصيرية فإن أحكامها هي التي تطبق على موضوع الدعوى.

وحيث نصت المادة 122: “إذا أنهى أحد الطرفين العقد دون مبرر مشروع  كاف، التزم بأن يعوض الطرف الآخر عن الضرر الذى يصيبه من جراء هذا الإنهاء، فإذا كان الإنهاء بدون مبرر صادر من جانب صاحب العمل، للعامل أن يلجأ إلى المحكمة العمالية المشار إليها في المادة (71) من هذا القانون بطلب التعويض، ولا يجوز أن يقل التعويض الذي تقرره المحكمة عن أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة ولا يخل بحق العامل في باقي استحقاقاته المقررة قانونًا.

وحيث نصت المادة 695/ 2 من القانون المدني على أنه “إذا فسخ العقد بتعسف من أحد المتعاقدين كان للمتعاقد الآخر إلى جانب التعويض الذي يكون مستحقًا له بسبب عدم مراعاة ميعاد الإخطار الحق في تعويض ما أصابه من ضرر بسبب فسخ العقد فسخًا تعسفيًا”.

  • ثالثًا: الإجراءات القانونية الواجب اتخاذها من قِبل الصحفي حال تعرضه للفصل التعسفي[4]

نعرض في هذا الجزء الإجراءات القانونية التي يجب أن يتخذها الصحفيون أو الإعلاميون حال تعرضهم للفصل التعسفي، وتعمل هذه الإجراءات على الحفاظ على حقوقهم القانونية والاقتصادية، وتتمثل هذه الإجراءات والخطوات فيما يلي:

  • على الصحفي الاحتفاظ بنسخة من عقد العمل، أو استخراج صورة من عقد العمل الموجود بنقابة الصحفيين، وفي حالة عدم استطاعة الصحفي الحصول على نسخة من عقد العمل عليه الاحتفاظ بالأرشيف الخاص به لإثبات علاقة العمل بالمؤسسة، أو إثبات علاقة العمل أمام المحكمة عن طريق شهادة الشهود، كما أنه على الصحفي الاحتفاظ بإيصال استلام المرتب أو أي مستند دال على آخر راتب يتقاضاه الصحفي قبل واقعة الفصل حيث إنه يقع على عاتق الصحفي أولًا إثبات علاقة العمل بالمؤسسة الصحفية، حيث إن الغالب ما يختلف الأجر الفعلي الذي يتقاضاه الصحفي عن الأجر المؤمن عليه لدى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، ويلجأ صاحب المؤسسة الصحفية إلى ذلك لتخفيف الأعباء المالية التي يسددها للهيئة، وهو ما يضع المحكمة في تردد بين تقدير التعويض وفقًا للأجر الفعلي والأجر المؤمن عليه.

ومن الملاحظات الموجودة في واقع المجتمع المصري بصورة عامة، وواقع المجتمع الصحفي والإعلامي بصورة خاصة، أنه في أغلب الأحيان يضطر الصحفي لقبول العمل في المؤسسة الصحفية دون حصوله على صورة من عقد عمله أو يضطر الصحفي التوقيع على عقد عمله بالإضافة إلى إجباره بالتوقيع على استقالته، فيضطر الصحفي إلى قبول شروط وعروض صاحب العمل “مالك الصحيفة”، وذلك لحاجة الصحفي إلى العمل وهو الأمر الذي يقيد إرادة الصحفي وقبوله القائم على الرضا، ففي أغلب الأحيان في عقود العمل يكون الرضا ظاهريًا وليس حقيقيًا.

  • على الصحفي التوجه إلى قسم الشرطة التابع له مقر العمل لتحرير محضر إثبات حالة بواقعة الفصل والمنع من دخول مقر عمله، ثم استخراج صورة رسمية من محضر إثبات الحالة من المحكمة لتقديمه إلى المحكمة في حالة إحالة موضوع الفصل إلى المحكمة المختصة.
  • التوجه إلى مكتب العمل التابع له مقر عمله لتحرير شكوى لإثبات واقعة الفصل وذلك خلال مدة سبعة أيام من تاريخ نشوء النزاع، وعلى اللجنة في حالة عدم التوصل إلى حل النزاع وديًا إحالة الشكوى إلى المحكمة المختصة، وذلك طبقًا لنص المادة 70 و71 من قانون العمل حيث تنص المادة 70 من القانون رقم 12 لسنة 2003 على أنه إذا نشأ نزاع جاز لكل من العامل وصاحب العمل أن يطلب من الجهة الإدارية المختصة خلال سبعة أيام من تاريخ النزاع تسويته وديًا، فإذا لم تتم التسوية في موعد أقصاه عشرة أيام من تاريخ تقديم الطلب جاز لكل منهما اللجوء إلى اللجنة القضائية في موعد أقصاه خمسة وأربعين يومًا من تاريخ النزاع وإلا سقط حقه في عرض الأمر على اللجنة.

 كما تنص المادة 71 من ذات القانون على أن “تختص كل لجنة دون غيرها بالفصل في المنازعات الفردية الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون، وتفصل اللجنة في النزاع المعروض عليها خلال ستين يومًا من تاريخ عرضه، وعلى اللجنة أن تفصل في طلب العامل خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ أول جلسة ويكون قرارها نهائيًا، فإذا رفضت الطلب ألزمت صاحب العمل بإعادة العامل إلى عمله، وأن يؤدي إليه ما لم يصرف له من مستحقات، فإذا لم يقم صاحب العمل بتنفيذ قرار اللجنة بإعادة العامل إلى عمله اعتبر ذلك فصلًا تعسفيًا يستوجب التعويض طبقًا للمادة «122» من هذا القانون، وعلى اللجنة أن تفصل في الموضوع بالتعويض المؤقت إذا طلب العامل ذلك، ويكون قرار اللجنة في هذه الحالة واجب النفاذ فورًا ولو طلب استئنافه، وتخصم المبالغ التي يكون العامل قد استوفاها تنفيذًا لقرار اللجنة بوقف التنفيذ من مبلغ التعويض الذي قد يحكم له به أو من أية مبالغ أخرى مستحقه له لدى صاحب العمل”.

ووفقًا للمادة (68) فإنه يكون الاختصاص بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة للجنة المشار إليها في المادة(71) ويكون توقيع باقي الجزاءات التأديبية لصاحب العمل أو من يفوضه لذلك، في حالة مخالفة صاحب العمل لحكم تلك المادة، فإنه يعاقب بغرامة لا تقل عن مئة جنيه ولا تجاوز خمسمئة جنيه، وتعدد الغرامة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم الجريمة وتضاعف الغرامة في حالة العود، وذلك كما تقضي المادة 246 من قانون العمل.

  • رابعًا: موقف القضاء من القضايا العمالية

في حالة عدم توصل الصحفي إلى تسوية ودية مع المؤسسة الصحفية التابع لها، تُحال القضية إلى المحكمة المختصة لنظر دعوى الفصل التعسفي. وعلى الرغم من ضرورة أن تكون هناك عدالة ناجزة، تعطي الحقوق لأصحابها بصورة سريعة، فإن ثمة مشاكل عدة تتعلق بمحاكم العمال، وطرق التعامل في هذه المحاكم. ويمكن تلخيص معظم هذه المشكلات فيما يلي:

  • إطالة أمد التقاضي

وتكون إطالة أمد التقاضي في مرحلتين، الأولى؛ هي إطالة أمد التقاضي أثناء نظر الدعوى، والثانية، بعد الحكم.

أ- مرحلة نظر الدعوى: يعد بطء إجراءات التقاضي وإطالة أمد الفصل في القضايا والمنازعات العمالية هي السمة الغالبة لنظر تلك القضايا أمام ساحات القضاء، وهو الأمر الذي يؤدي إلى التأخير بالفصل في الدعاوى وتفويت الفرصة على صاحب الحق للاستفادة الكاملة لحقه المسلوب، وهي مشكلة لا تعزي إلى جهة معينة من الجهات المختصة وذات العلاقة بإجراءات التقاضي فلا يتحملها القضاء وحده بل تمتد إلى العديد من الموظفين العاملين في المحاكم والمحضرين والخبراء. كما يرجع ذلك إلى أن إحالة القضايا العمالية إلى مكتب الخبراء “خبير حسابي” وهو ما يطول معه أمد القضايا، حيث الغالب أن تظل القضية أمام مكتب الخبراء لفترات تتجاوز العام، وذلك نظرًا إلى كثرة القضايا التي ينظرها مكتب الخبراء من قضايا عمالية ومدنية وتجارية وأسرة، وهو الأمر الذي يؤدي إلى انتظار المتقاضين لدورهم في بحث ملفاتهم ومناقشتها مع الخبير وإيداع الخبير تقريره بالنتيجة التي توصل إليها بعد الانتهاء من بحث ملف الدعوى وإعادة القضية أمام المحكمة مرة أخرى، وتصدر المحكمة حكمها في الدعوى وتستأنف القضية وهو ما يطيل أمد التقاضي، وفي نهاية المطاف؛ كل ما يحصل عليه الصحفي هو حكم بالتعويض شهرين عن كل عام خدمة.

ب- مرحلة تنفيذ الحكم: بعد حصول الصحفي على حكم لصالحه بالتعويض من الفصل التعسفي يبدأ مرحلة تنفيذ الحكم من الصحيفة، وفي حالة عدم توصل الصحفي إلى التنفيذ طوعًا بحكم القانون مع الصحيفة، يشرع الصحفي إلى التنفيذ الجبري، وقد تطول تلك المرحلة أيضًا لسنوات فيكفي على سبيل المثال لا الحصر، أن تسطر جهة التنفيذ حجة (الحالة الأمنية لا تسمح).

ومما لا شك فيه أن حصول الصحفي على حكم قضائي بعد سنوات من التقاضي، ثم يفاجأ أن الحكم الصادر لصالحه لم يستطيع تنفيذه هو الأمر الذي يصيبه باليأس والإحباط، والأمر الذي يؤثر على مصداقية الأحكام، ويلحق بالمحكوم له ضررًا جسيمًا، فإن كل ما يتوخاه كل متقاضٍ من دعواه ليس صدور حكم لمصلحته بل تنفيذه.

2:- ماهية الأحكام الصادرة من المحكمة

        إذا ثبت للمحكمة أن صاحب العمل قد أنهى عقد العمل بإرادته المنفردة، وأن الإنهاء قد اتسم بالتعسف، فإن غاية الأمر أن المحكمة تعطي للعامل الحق في الحصول على مقابل مهلة الإنذار والتعويض عن الجابر للضرر، وذلك بحد أدنى كتعويض مادي أجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة وليس أحقية العامل في العودة إلى العمل مرة أخرى، عدا حالة الفصل بسبب النشاط النقابي، فإنه يتم إعادة العامل إلى عمله، ويعد ذلك استثناءً من القواعد العامة باقتصار صلاحية المحكمة على التعويض، فإن الفصل التعسفي  واقع قد أصاب الصحفي وسلطة المحكمة فقط في تقدير ما إذا كان الفصل من جانب صاحب العمل هو فصل تعسفي من عدمه، وتقدير التعويض الجابر عن الضرر في حالة ما تيقنت المحكمة من أن الفصل تعسفي، وذلك وفقًا لنص المادة 122 من القانون رقم 12 لسنة 2003 المذكورة سابقًا.

ومن خلال ما سبق ذكره يتضح التالي:

  • خلو القانون من نص يجيز إلغاء قرار إنهاء خدمة العامل وإعادته لعمله مؤداه أن القرار الصادر بإنهاء الخدمة تنقضي به الرابطة العقدية بين العامل وصاحب العمل ولو اتسم بالتعسف، ولا يخضع لرقابة القضاء إلا في خصوص طلب التعويض عن الضرر الناجم عنه إن كان له محل ما لم يكن هذا الإنهاء بسبب النشاط النقابي.
  • إن تقدير التعويض يتم على ضوء مدة العمل وأجر الصحفي حيث يقضي بتعويض العامل بأجر شهرين من الأجر الشامل عن كل سنة من سنوات الخدمة، وغالبًا ما يختلف الأجر الفعلي الذي يتقاضاه على العامل عن الأجر المؤمن عليه لدى الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي، ويلجأ صاحب العمل إلى ذلك لتخفيف الأعباء المالية التي يسددها للهيئة، وهو ما يضع المحكمة في تردد بين تقدير التعويض وفقًا للأجر الفعلي والأجر المؤمن عليه.
  • تملك المحكمة في حالة الفصل بسبب النشاط النقابي إعادة العامل إلى عمله، ويعد ذلك استثناء من القواعد العامة باقتصار صلاحية المحكمة على التعويض.
  • خامسًا: أسباب وحالات الفصل من قِبل المؤسسات الصحفية

تزايدت حالات الفصل التعسفي للصحفيين من قِبل المؤسسات الصحفية، بدون مبررات أو بادعاءات واهية من قِبل إدارات المؤسسات الصحفية فيما بين التزرع بالتعرض لضائقة مالية أو الفصل بسبب مخالفة الصحفي لآراء وتوجهات الصحيفة، وفي الآونة الأخيرة وبعد التغير الحادث في الخارطة الإعلامية لمالكي المؤسسات الإعلامية، -وهو ما أسفر عنه تغيير في السياسات التحريرية والمالية لعدد من الوسائل الإعلامية- مما أدى إلى تسريح عدد من الصحفيين والعاملين في تلك الصحف. وسوف نعرض في هذا الجزء عددًا من الأسباب التي أدت إلى الفصل التعسفي لعدد من الصحفيين في الآونة الأخيرة، على أن نذكر السبب، ثم نذكر مثالًا عليه من الواقع الصحفي؛ فنعرض لحالة فصل وقعت بالفعل، ثم الرأي القانوني للمؤسسة في ذلك.

١- أسباب اقتصادية: التزرع بالتعرض لضائقة مالية

قامت بعض المؤسسات الصحفية، في الآونة الأخيرة، بفصل عدد من الصحفيين، وذلك بغرض تقليص عدد العمالة لتقليل المصاريف داخل تلك المؤسسات، ولم تتخذ هذه المؤسسات أي من الإجراءات التي نص عليها القانون، وهو ما يعد انتهاكًا لحقوق هؤلاء الصحفيين، وتشريدهم من أعمالهم، الأمر الذي يجب أن يقابله القانون بقوة، حتى لا يكون الصحفيين “لقمة سائغة” لدى أصحاب المؤسسات الصحفية.

  • مثال على ذلك: فصل صحفيي دوت مصر[5]

في غضون عام 2016 قام رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة بشراء الموقع الإخباري، وكانت أول قراراته هي فصل الصحفيين لتقليص المصاريف، ويعتبر فصلًا تعسفيًا للصحفيين بالمخالفة لقانون العمل رقم 12 لسنة 2003،  ولذا  قام  الصحفيون بالاعتصام داخل مقر الموقع وتحرير محاضر بإثبات واقعة الفصل واتخاذ كافة الإجراءات القانونية لإثبات حقهم، كما تدخلت نقابة الصحفيين للتفاوض مع إدارة دوت مصر لحصول الصحفيين على حقوقهم.

  • الرأي القانوني للمؤسسة

أجاز المشرع المصري لصاحب العمل ولضرورات اقتصادية، إغلاق المنشأة كليًا أو جزئيًا أو تقليص حجم العمالة، إلا أنه وضع قيودًا على صاحب العمل وهي التقدم بطلب إلى لجنة تشكل بهذا الخصوص مبينًا الأسباب التي يستند إليها، وتصدر اللجنة قرارها ويجب أن يكون مسببًا سواء بالرفض أو القبول وعلى ضوء ذلك أجازت لصاحب العمل وأمام تلك الظروف الاستغناء عن بعض أو كل العاملين حسب الأحوال، وذلك وفقًا لنصوص المواد 196 إلى المادة 201 من القانون رقم 12 لسنة 2003  قانون العمل؛ حيث نصت المادة 196 من قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 على أن “يكون لصاحب العمل، لضرورات اقتصادية، حق الإغلاق الكلي أو الجزئي للمنشأة أو تقليص حجمها أو نشاطها بما قد يمس حجم العمالة بها، وذلك في الأوضاع وبالشروط والإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون”، “وفي تطبيق أحكام المادة السابقة، على صاحب العمل أن يتقدم بطلب إغلاق المنشأة أو تقليص حجمها أو نشاطها إلى لجنة تشكل لهذا الغرض، ويتضمن الطلب الأسباب التي يستند إليها في ذلك وأعداد وفئات العمال الذين سيتم الاستغناء عنهم. وعلى اللجنة أن تصدر قرارها مسببًا خلال ثلاثين يومًا على الأكثر من تاريخ تقديم الطلب إليها، فإذا كان القرار صادرًا بقبول الطلب وجب أن يشتمل على بيان تاريخ تنفيذه.

ولصاحب الشأن أن يتظلم من هذا القرار بقبول الطلب ويجب أن يشتمل على بيان تاريخ تنفيذه. ولصاحب الشأن أن يتظلم من هذا القرار أمام لجنة أخرى تشكل لهذا الغرض، ويترتب على التظلم من القرار الصادر بقبول طلب وقف تنفيذه. ويصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بتشكيل كل من اللجنتين المشار إليهما وتحديد اختصاصاتها والجهات التي تمثل فيهما والإجراءات التي تتبع أمامها ومواعيد وإجراءات التظلم. ويراعى أن يتضمن تشكيل كل من اللجنتين ممثلًا عن المنظمة النقابية العمالية المعنية يرشحه الاتحاد العام لنقابات عمال مصر، وممثلًا عن منظمات أصحاب الأعمال ترشحه المنظمة المعنية بنشاط المنشأة” (مادة 197).

“ويخطر صاحب العمل العمال والمنظمة النقابية المعنية بالطلب المقدم منه وبالقرار الصادر بالإغلاق الكلي أو الجزئي للمنشأة أو بتقليص حجمها أو نشاطها. ويكون تنفيذ ذلك القرار اعتبارًا من التاريخ الذي تحدده اللجنة التي نظرت الطلب أو التظلم على حسب الأحوال” (مادة 198).

وفي حالة الإغلاق الجزئي أو تقليص حجم المنشأة أو نشاطها، إذا لم تتضمن الاتفاقية الجماعية السارية في المنشأة المعايير الموضوعية لاختيار من سيتم الاستغناء عنهم من العمال، فإنه يتعين على صاحب العمل أن يتشاور في هذا الشأن من المنظمة النقابية، وذلك بعد صدور القرار وقبل التنفيذ وتعتبر الأقدمية والأعباء العائلية والسن والقدرات والمهارة المهنية للعمال من المعايير التي يمكن الاستئناس بها في هذا الشأن. وفي جميع الأحوال يتعين أن تراعى تلك المعايير والموازنة بين مصالح المنشأة ومصالح العمال (مادة 199).

“ويحظر على صاحب العمل التقدم بطلب الإغلاق الكلي أو الجزئي للمنشأة أو تقليص حجمها أو نشاطها أثناء مراحل الوساطة والتحكيم” (مادة 200).

“ومع عدم الإخلال بحكم المادة (198) من هذا القانون، وفي الحالات التي يحق فيها لصاحب العمل إنهاء عقد العمل لأسباب اقتصادية يجوز له بدلًا من استخدام هذا الحق أن يعدل من شروط العقد بصفة مؤقتة، وله على الأخص أن يكلف العامل بعمل متفق عليه ولو كان يختلف عن عمله الأصلي، كما أن له أن ينقص أجر العامل بما لا يقل عن الحد الأدنى للأجور. فإذا قام صاحب العمل بتعديل في شروط العقد وفقًا للفقرة السابقة كان للعامل أن ينهي عقد العمل دون أن يلتزم بالإخطار، ويعتبر الإنهاء في هذه الحالة إنهاء مبررًا من جانب صاحب العمل، ويستحق العامل المكافأة المنصوص عليها بالفقرة التالية”. ويلتزم صاحب العمل عند إنهاء العقد لأسباب اقتصادية وفقًا للإجراءات المبينة بالمواد من (196-200) من هذا القانون بأن يؤدي للعامل الذي أنهى عقده مكافأة تعادل الأجر الشامل لشهر عن كل سنة من الخمس السنوات الأولى من سنوات الخدمة وشهر ونصف عن كل سنة تجاوز ذلك.” (مادة 201).

ويتضح مما سبق أن إدارة موقع دوت مصر لم تتخذ الإجراءات والتدابير التي نص عليها قانون العمل وفقًا لما سلف ذكره، بالإضافة إلى أنها لم تلتزم أيضًا بتعويض الصحفيين وفقًا لنصوص القانون وهو الأمر الذي نرى معه أن فصل الصحفيين ما هو إلا فصلًا تعسفيًا ويزيد من تقويض فرص عمل الصحفيين.

  • تصفية المؤسسات الصحفية

هناك عدد من المؤسسات الصحفية التي قامت بفصل عدد من الصحفيين بادعاء تصفية الشركة المالكة للجريدة، وذلك دون سابق إنذار، أو اتخاذ الإجراءات التي رسمها القانون عند التصفية.

  • مثال على ذلك: فصل صحفيي العالم اليوم [6]

في يوم 8 أكتوبر 2018، فُوجيء صحفيو جريدة “العالم اليوم”، البالغ عددهم 45 صحفيًا، بفصلهم من قِبل إدارة الجريدة بادعاء أن الشركة المالكة للجريدة قد تم تصفيتها. وترجع وقائع تلك الأزمة عندما توجه أحد صحفيي الجريدة إلى مكتب التأمينات التابع له مقر الجريدة وذلك ﻹثبات رغبة مالك الجريدة في إغلاق الشركة، وعند استخراجه طابعة تأمينات خاصة به فُوجئ أنه قد ترك العمل بناء على تصفية نشاط الشركة بأثر رجعي منذ 31-8-2014، بالإضافة إلى ذلك لم يتقاض الصحفيون العاملون بجريدة العالم اليوم رواتبهم منذ أكثر من عشرين شهرًا من تاريخ تلك الواقعة.

من جانبهم، قام عدد من موظفي مكتب التأمينات بالتوجه إلى مقر الجريدة لإثبات واقعة أن الجريدة لا تزال تعمل وذلك بتاريخ 8 أكتوبر 2018، وبعد انتهاء موظفي مكتب التأمينات من عملهم قامت إدارة الجريدة بطرد الصحفيين وقام موظفي الأمن بالاعتداء على بعض منهم، وقد قام الصحفيون بتحرير محضر بالواقعة بقسم شرطة العجوزة يحمل رقم 8723 إداري العجوزة، ﻹثبات واقعة الفصل التعسفي، والتعدي عليهم بالضرب والسب والشتم من قِبل اﻹدارة ضدهم، وقام الصحفيون بتحرير شكاوى بمكتب العمل والذي بدوره أحال الشكاوى إلى المحكمة العمالية المختصة ولا تزال القضية منظورة أمام ساحات القضاء.

وقد فُوجئ الصحفيون أثناء نظر الدعاوى، بورود خطاب رسمي من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة ثابت به أن الشركة المالكة لجريدة العالم اليوم “تحت التصفية” بتاريخ 31 أكتوبر 2017 بموجب قرار الجمعية العمومية غير العادية للشركة المنعقدة بتاريخ 10 مايو 2017 والتي قررت وضع الشركة تحت التصفية.

  • الرأي القانوني للمؤسسة

من الوقائع سالفة الذكر نود أن نشير إلى أن الصحفيين بجريدة العالم اليوم لم يتقاضوا أجورهم منذ أكثر من عشرين شهرًا على تاريخ الواقعة، بالإضافة إلى أنهم لم يكونوا على أية دراية بواقعة تصفية الشركة إلا من خلال الخطاب الرسمي المرسل من الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة إلى نقابة الصحفيين.

من ناحية أخرى، فإن القانون رقم 159 لسنة 1981 الخاص بإصدار قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة قد ورد في المادة (138) منه على أن “تحتفظ الشركة خلال التصفية بالشخصية الاعتبارية بالقدر اللازم لأعمال التصفية. ويضاف إلى اسم الشركة خلال مدة التصفية وتقتصر سلطاتها على الأعمال التي لا تدخل في اختصاص المصفين”. ويقوم المصفي بجميع الأعمال التي تقتضيها التصفية وعلى وجه الخصوص: بوفاء ما على الشركة من ديون. وبيع مال الشركة منقولًا أو عقارًا بالمزاد العلني أو بأية طريقة معينة أخرى ما لم ينص في وثيقة تعيين المصفي على إجراء البيع بطريقة معينة. وتمثيل الشركة أمام القضاء وقبول الصلح والتحكيم (مادة 145).

ومن خلال نصوص القانون سالفة الذكر يتضح أن الشركة خلال فترة التصفية تحتفظ بشخصيتها الاعتبارية خلال تلك الفترة وذلك للحفاظ على الحقوق والالتزامات وهو الأمر الذي يعني أن أجور ومرتبات العاملين بتلك الصحيفة تعتبر من الديون لدى الشركة، والتي يحق للصحفيين مطالبة المصفي بها ويكون على الشركة الوفاء بها باعتبارها من الديون، وهذا ما لم يحدث مع الشركة المالكة لجريدة العالم اليوم؛ حيث لا تزال الشركة المالكة للجريدة “تحت التصفية” وتعمل حتى تاريخ نشوء النزاع مع الصحفيين ولم يتم محو الشركة من السجلات حتى الآن.

بالإضافة إلى استمرار علاقة العمل بين المؤسسة الصحفية والصحفي، ويحق للصحفيين حال الانتهاء من إجراءات التصفية ومحو الشركة من السجلات وهو ما يعني انقضاء الشخصية الاعتبارية لها وبالتالي فقدانها كطرف متعاقد لأهلية التعاقد الأمر الذي ينبني عليه انحلال العلاقة العقدية بين الشركة وموظفيها وبالتالي فإن على الشركة في هذه الحالة احتساب حقوق العمال كاملة بما فيها بدل الفصل التعسفي وبدل الأخطار ودفعها لهم. في مقابل ذلك، لم تلتزم إدارة مؤسسة “العالم اليوم” ولم تتخذ الإجراءات القانونية حال إغلاق المنشأة كليًا أو جزئيًا، وذلك وفقًا لما نص عليه المشرع في قانون العمل كما سلف ذكره.

  • أسباب سياسية: قيام الصحفيون بعرض أرائهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي

في الآونة الأخيرة قامت بعض المؤسسات الصحفية بإصدار قرارات فصل تعسفي تجاه عدد من الصحفيين على خلفية التعبير عن أرائهم الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي الخاصة بهم، والتي تعتبرها المؤسسة الصحفية مخالفة لتوجهات وسياسات الصحيفة.

  • مثال على ذلك: واقعة فصل الصحفيين باليوم السابع على خلفية النشر على حساباتهم الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”[7].

بتاريخ 26 يونيو 2017 قامت إدارة جريدة اليوم السابع بفصل عدد من الصحفيين المعينين بالجريدة، وذلك على خلفية ممارسة حقهم في التعبير عن أرائهم الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم “فيسبوك”، وكذلك لكونهم من ضمن الموقعين على بيان ضم 1600 صحفي آخر لإدانة ورفض موقف الحكومة المصرية من توقيع اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، وطلبت إدارة الجريدة من الصحفيين التقدم بإجازة، فما كان من بعض الصحفيين التوقيع على طلب الإجازة، والبعض الآخر رفض وقام بتحرير شكوى ضد الصحيفة لدى نقابة الصحفيين، وانتهت أزمة الصحفيين الذين كانوا قد وقعوا على طلب الإجازة حيث قررت الإدارة إعادتهم للعمل مرة أخرى، إلا أنها استثنت من القرار الصحفيين الذين كانوا قد تقدموا بشكوى لنقابة الصحفيين ضد الجريدة.

  • الرأي القانوني للمؤسسة

يُعد قرار الفصل للصحفيين بسبب التعبير عن رأيهم الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي مخالف للمواثيق والعهود الدولية والدستور المصري الذي كفل حرية الرأي والتعبير، حيث نصت المادة 65  من الدستور التي تنص على “حرية الفكر والرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر”. بالإضافة إلى أن الصحفيين لم يرتكبوا ثمة مخالفة توجب الفصل طبقًا لما ورد في نص المادة 69 من قانون العمل المذكورة سلفًا.

وبالنسبة لإدارة الجريدة، فقد خالفت ما ورد بنص المادة 17 من قانون تنظيم الصحافة رقم 96 لسنة 1996 المطبق على الواقعة آنذاك، والمعدل بالقانون رقم 180 لسنة 2018 والتي نصت على أنه “لا يجوز فصل الصحفي من عمله إلا بعد إخطار نقابة الصحفيين بمبررات الفصل، فإذا استنفدت النقابة مرحلة التوفيق بين الصحيفة والصحفى دون نجاح تطبق الأحكام الواردة في قانون العمل في شأن فصل العامل”. وهو الأمر الذي يؤكد ويجزم أن واقعة فصل الصحفيين بسبب التعبير عن رأيهم الشخصي ما هي إلا فصل تعسفي وتعنت من جانب إدارة الجريدة.

  • الفصل على خلفية الاتهام في قضايا ذات طابع سياسي

في إطار الأسباب السياسية، تقوم بعض المؤسسات الصحفية بفصل الصحفي حال توجيه الاتهام له في قضية ذات طابع سياسي، وعلى الرغم من أن القاعدة القانونية قد استقرت على أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته، هذا بالإضافة إلى أن قانون العمل في الحالات التي أجاز فيها لصاحب العمل إنهاء العلاقة التعاقدية وكذا قانون نقابة الصحفيين لم تتوافر في هذه الحالة.

  • مثال على ذلك: فصل الصحفي محمد أبو زيد من جريدة التحرير[8]

“أبو زيد”، مصور صحفي بجريدة التحرير، كان قد قام بتسليم نفسه إلى قسم شرطة المعصرة بتاريخ 7 يونيو 2018، بعد أن قامت قوات الأمن بتاريخ 4 يونيو 2018 باقتحام منزله، وظل “أبو زيد” محتجزَا بمكان غير معلوم حتى ظهر بنيابة أمن الدولة بتاريخ 24 يونيو 2018، على ذمة القضية رقم 441 لسنة 2018 حصر أمن دولة والمتهم فيها بـ “مشاركة جماعة أُسست على خلاف أحكام الدستور والقانون، ونشر أخبار كاذبة، والترويج لأفكار تلك الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يزال “أبو زيد” محبوس احتياطيًا على ذمة التحقيقات.

بمجرد علم إدارة الجريدة بذلك، قامت بوقف راتب “أبو زيد” في بادئ الأمر، ورفضت إعطاء محامي “المرصد المصري للصحافة والإعلام” بصفته أحد محامي “أبو زيد” شهادة تفيد أنه يعمل بالجريدة لتقديمها إلى نيابة أمن الدولة، وقامت بعد ذلك بفصله من العمل.

  • الرأي القانوني للمؤسسة

يُعتبر قرار فصل الصحفيين بسبب توجيه الاتهام في قضية رأي أو قضايا ذات طابع سياسي، مخالف للمواثيق والعهود الدولية وللدستور وللقانون، وما هو إلا فصل تعسفي من جانب إدارة المؤسسات الصحفية؛ حيث نصت المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن “الناس جميعًا سواء أمام القضاء، ومن حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قِبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون، ويعتبر كل متهم بارتكاب جريمة بريئًا إلى أن يثبت عليه الجرم قانونًا”.

كما نصت المادة 96 من الدستور المصري على أن “المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية عادلة، تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وينظم القانون استئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات. وتوفر الدولة الحماية للمجنى عليهم والشهود والمتهمين والمبلغين عند الاقتضاء وفقًا للقانون”.

بالإضافة إلى أن المادة 129 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 تنص على أنه “لصاحب العمل أن ينهي عقد العمل ولو كان محدد المدة أو مبرمًا لإنجاز عمل معين إذا حكم على العامل نهائيًا بعقوبة جناية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة وذلك ما لم تأمر المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة”.

من استقراء مواد القانون سالفة الذكر يتضح منها أن الاتهام لا يكفي وحده فقط لإنهاء علاقة العمل من جانب إدارة المؤسسة الصحفية، بل إن المشرع جعل الحكم على العامل “الصحفي” بعقوبة جناية سبب انتهاء الخدمة أيًا كان نوع الجناية ولم يجعل الحكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية غير عقوبة الجناية سبب لانتهاء الخدمة إلا إذا صدر في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة ما لم يكن الحكم مشمولًا بوقف التنفيذ.

كما أن في هذه الحالة لا يعدو أن يكون إلا ممارسة لحق استثنائي في الإنهاء قرره المشرع لصاحب العمل صيانة لسمعة المنشأة التي قد يسيئ إليها أن يبقى بها عامل ثبت جرمه بحكم نهائي في جناية أو في جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة. وهو الأمر الذي نرى معه من وجهة نظرنا أن فصل المصور الصحفي “محمد أبو زيد” من جريدة التحرير ما هو إلا فصلًا تعسفيًا من جانب إدارة المؤسسة.

  • سادسًا: الصحفيون المفصولون وأزمة البدل

يتعرض الكثير من الصحفيين حال تعرضهم للفصل من قِبل مؤسساتهم الصحفية إلى وقف صرف بدل التكنولوجيا والتدريب للصحفيين، والاكتفاء بصرف بدل البطالة، وذلك على الرغم من أن مبلغ بدل البطالة هو مبلغ زهيد بالمقارنة بمبلغ بدل التكنولوجيا والتدريب وهو أمر غير مستساغ عقلًا ومنطقًا؛ فلا يعقل أن الصحفي عندما يمارس عمله بإحدى المؤسسات الصحفية يتم منحه بدل التكنولوجيا والتدريب، وعندما تقوم إدارة المؤسسة بفصل الصحفي يوقف عنه بدل التكنولوجيا والتدريب للصحفيين.

هذا بالإضافة إلى أن بدل التكنولوجيا يصرف للصحفي بصفته النقابية وليس بسبب التحاقه بإحدى المؤسسات الصحفية، فلا يجوز عقلًا ومنطقًا أنه عند زوال الصفة الوظيفية للصحفي “فصل الصحفي” يتم إيقاف بدل التكنولوجيا.

وقد أرست محكمة القضاء الإداري مبدأ قانونيًا مهمًا يقضي بأحقية جميع الصحفيين المقيدين بجدول المشتغلين بنقابة الصحفيين، صرف بدل التكنولوجيا والمراجع سواء عملوا في مؤسسات صحفية أو خارج هذه المؤسسات ولا يستثنى أحد وبأثر رجعي. وألزمت الدولة باتخاذ إجراءات منح ذلك البدل لجميع الصحفيين المقيدين بجداول النقابة واعتباره جزءً من الراتب أيًا كانت الصحيفة التي يعملون بها قومية أو مستقلة أو حزبية أو وكالات أنباء وسواء كانت مطبوعة أو رقمية.

وقد قالت المحكمة إن بدل التدريب والتكنولوجيا حقًا لصيقًا للصحفيين وليس منحة من الدولة وأنه اكتسب منزلة في ضمير الدولة أكثر من عشرين عامًا، وأصبح عرفًا إداريًا من القواعد الراسخة في القانون الإداري لا يجوز مخالفته‏. وأن الحكمة من تقرير ذلك البدل هي التسلح التكنولوجي لتنمية مهارات العمل الصحفي وتذوق الفن المهني للوفاء بحق الشعب في المعرفة، مشيرة إلى أن قيمة البدل ضئيلة ولا تتناسب مع كرامة الصحفيين ولا يجب وقوفهم موقف المستجدي من السلطة التنفيذية، وعلى الدولة إعادة تقديره عند تقنينه ليعبر عن حقيقة العصر. وأكدت المحكمة أنه يجب أن تدرك الدولة في يقين قياداتها أن الصحافة المصرية تحققت لها الريادة في أوائل القرن الماضي لحريتها واقتربت من مقاييس الأداء العالمية، وأنه يجب تسليح الصحفيين بالتكنولوجيا المهارية لتكون عابرة للحدود والقارات.

وأضافت المحكمة أن الصحافة مهنة البحث عن الهموم والمتاعب وليس الغنائم والمكاسب، وشاركت في إثراء الحركة الوطنية والبناء الديمقراطي ولا يجب تكبيل حركة الصحفي لتحويله إلى مجرد موظف لكبت قدراته المهنية لمواجهة التطور التكنولوجي في علم الصحافة. وأن الغاية من ذلك معايشة واقع الحياة المهنية التي يعيشها الصحفيون في سبيل أداء رسالتهم النبيلة وتفاعلًا منها مع ظروف الواقع الصحفي وما يحتاجه من أدوات مهنية للتدريب واستخدام التقنيات الحديثة في وسائل التكنولوجيا والاتصال في دقائق العمل الصحفي.

وأشارت المحكمة إلى أن نقابة الصحفيين بتاريخها العريق تتحمل مسئوليتها التاريخية للذود عن حقوق الصحفيين تجاه الدولة، وأشارت المحكمة إلى أن القصد من منح هذا البدل يتمثل في إتاحة الفرصة أمام الصحفيين للاستعانة بأدوات العصر للمساهمة في تنمية مهارات العمل الصحفي ولمواجهة التحديات التي تلازم تطور صناعة الصحافة من فنون التحرير الصحفي والإخراج الصحفي وجمع المعلومات والطباعة وإدارة المؤسسات الصحفية والإعلان، وما يقتضيه ذلك من مهارات تذوق الفن المهني.

ومن ثمَّ، فإنه يجب اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لضمان منح بدل التكنولوجيا والتدريب للصحفيين المقيدين بنقابة الصحفيين دون النظر ما إذا كان الصحفي يعمل بإحدى المؤسسات الصحفية من عدمه، حيث إن منح البدل يقوم على الحصول على ترخيص مزاولة المهنة الممثل في عضوية النقابة وليس الصفة الوظيفية، وذلك طبقًا لدور النقابة في السعي لتعويض الصحفيين تعويضًا كريمًا يكفل لهم حياة كريمة وفقًا لما نص عليه قانون نقابة الصحفيين في الفقرة “د” من نص المادة “3” من قانون نقابة الصحفيين رقم 76 لسنة 1970 والتي نصت على “السعي لإيجاد عمل لأعضاء النقابة المتعطلين وتشغيلهم أو تعويضهم تعويضًا كريمًا يكفل لهم حياة كريمة”.

  • سابعًا: الخاتمة والتوصيات

بناءً على ما سبق، تقدم مؤسسة “المرصد المصري للصحافة والإعلام” مجموعة من المقترحات والتوصيات لزيادة الضمانات للصحفيين وحمايتهم من بطش أصحاب المؤسسات العاملين بها، وحمايتهم من الفصل التعسفي، وضمان حقوقهم حال وقوع ذلك.

1- في حالة ثبوت الفصل التعسفي للعامل، وما زالت المؤسسة في حالة العمل، يجب على المشرع تعديل مواد القانون بما يجيز لسلطة القضاء إلغاء قرار إنهاء خدمة العامل تعسفيًا وإعادته لعمله مرة أخرى.

2- بطء سير العدالة يتساوى مع الظلم، لذا يجب العمل على وجود عدالة ناجزة في القضايا العمالية، ومن إجراءات ذلك؛ أن يتم تحديد مواعيد معينة لا يزيد عنها الخبير فى بحث الدعاوى العمالية؛ بحيث لا يزيد ذلك على ستة أشهر، مع ضرورة وضع رقابة من السلطة القضائية على أعمال السادة الخبراء، واتخاذ التدابير من سن التشريعات والقوانين لحل أزمة بطء إجراءات التقاضي وإطالة أمد الفصل في القضايا.

4- تفعيل دور نقابة الصحفيين لحماية الصحفيين من الفصل التعسفي وفقًا لما ورد بقانون نقابة الصحفيين.

5- تعديل قانون نقابة الصحفيين بما يتيح لنقابة الصحفيين فرض عقوبات وغرامات مالية على المؤسسات الصحفية في حالة فصل صحفي تعسفيًا وبدون مبرر قانوني وفقًا لما سبق ذكره.

6- التزام مؤسسات الدولة ونقابة الصحفيين باحترام أحكام القضاء والتزامهم بصرف بدل التكنولوجيا والتدريب للصحفي في حال تعرضه للفصل التعسفي.

7- التزام المؤسسات الصحفية بما يكفل حرية الرأي والتعبير للصحفيين وفقًا لما ورد بالدستور والقانون وعدم جواز فصلهم وفقًا لعرض أرائهم الشخصية.

 للإطلاع على الورقة بصيغة بي دي إف اضغط هنا

مراجع

[1]   عبد الله فواز حمادنة. “سلطة المحكمة في تقدير التعسف عند إنهاء عقد العمل: دراسة مقارنة”، رسالة ماجستير غير منشورة، كلية الحقوق، جامعة الشرق الأوسط، 2011، ص 30، ص 31.

[2]  انظر قانون رقم 12 لسنة 2013 بإصدار قانون العمل، متاح على الرابط التالي https://bit.ly/2TSdzp4 تاريخ الزيارة 10 مارس 2019.

انظر أيضًا. عبد الله فواز حمادنة. “سلطة المحكمة في تقدير التعسف عند إنهاء عقد العمل: “دراسة مقارنة”، مرجع سابق.

[3] انظر الرابط التالي https://bit.ly/2Jm1Qem تاريخ الزيارة 5 مارس 2019.

[4]  اعتمد الباحث في هذا الجزء على خبرته العملية التي تتجاوز عشر سنوات في مجال العمل كمحامي على قضايا العمال لاسيما قضايا الفصل التعسفي للصحفيين والإعلاميين.

انظر أيضًا: رفعت محمد حسن. “إجراءات طلب تعويض البطالة”، متاح على الرابط التالي https://bit.ly/2W0VyCm تاريخ الزيارة 10 مارس 2019.

[5]  للمزيد من التفاصيل عن قضية فصل صحفيي دوت مصر، انظر الروابط التالية:

[6]  للمزيد من التفاصيل عن قضية فصل صحفيي العالم اليوم

[7]  للمزيد من التفاصيل عن قضية فصل الصحفيين باليوم السابع انظر الروابط التالية:

  • https://bit.ly/2EZumND
  • https://bit.ly/2T55ZmH
  • https://bit.ly/2TNRNTB

[8]  للمزيد من التفاصيل حول فصل الصحفي بجريدة التحرير “محمد أبو زيد” انظر الروابط التالية:

https://bit.ly/2T8za8F

https://bit.ly/2Fcqk5S